الأربعاء، 20 يونيو 2012

الأمريكان وموافقتهم على تسليم مصر للأخوان


سامي البحيري
أمريكا بلا شك دولة عظمى فهي أكبر إقتصاد في العالم وإقتصادها يبلغ ثلاث مرات أو أكثر من أقرب منافس لها (الصين) ولديها أكبر ترسانة حربية في العالم وجيوشها وأساطيلها منتشرة في كل أنحاء العالم وجامعاتها أفضل جامعات في العالم وشركاتها أكبر شركات في العالم، ومعظم مهاجري العالم بشرقه وغربه يودون الهجرة إلي أمريكا حتى لو كانوا يسبونها ليل نهار لأنهم مدركون بالفطرة بأن المهاجر والمواطن الأمريكي يجد "الحرية والعدالة" في أمريكا أكثر مما يجد في أى مكان آخر في العالم
ولكن عندما نأتي إلي السياسة الخارجية فإن مصلحة أمريكا تأتي في المقام الأول، وعلى قدر ما أن أمريكا عظيمة فإن أخطائها في السياسة الخارجية أحيانا ما تكون عظيمة أيضا مثل تورطها في حرب فيتنام وغزوها للعراق بدون مبرر حقيقي وتأييدها الغير مشروط لإسرائيل وغير ذلك من الأخطاء المعروفة للسياسة الخارجية الأمريكية
وقد قال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق بأن سياسة أمريكا الإستراتيجية في القرن الواحد والعشرين تقتضي التدخل الخارجي عسكريا في أربع حالات فقط:
أولا: أى تهديد لأمن إسرائيل وبقاءها
ثانيا: أي تهديد لمنابع النفط في الشرق الأوسط
ثالثا: لو عبرت كوريا الشمالية خط المنطقة المحايدة مع كوريا الجنوبية
رابعا: أي تهديد لتايوان من جانب الصين الشعبية
لذلك فإن أمريكا لايهمها من قريب أو بعيد إن جاء الأخوان لحكم مصرأم لا أو إذا تم إجبار نساء العالم العربي كلهن على لبس النقاب أو منعهن من الدراسة أو العمل أم لا ولكن إذا فكر الأخوان في الدخول في حرب مع إسرائيل فإنها ساعتها سيكون الموقف مختلف
و من الصورة المرفقة في هذا المقال يتضح أن مرشد الأخوان آخر حلاوة وسمن على عسل مع السفيرة الأمريكية بالقاهرة (آن باترسون) وطبعا وجهها وشعرها وصوتها ليسوا عورة بالنسبة لفضيلة المرشد، كل ما فيها أنه سيجدد وضوءه بعد إنتهاء المقابلة لأنه إضطر لمصافحة السفيرة لأغراض سياسية بحتة، ولكن حصول الأخوان على تأييد الأمريكان أهم كثيرا من نقض الوضوء وأهم من صوت أن باترسون العورة (إللي ممكن يكون زى تغريد عصافير الكناري في مثل هذا الإجتماع) والسفيرة الأمريكية بمثل هذا اللقاء تعطي الشرعية لجماعة الأخوان المسلمين وهي ليست هيئة حكومية أو هيئة إجتماعية والتي ما زالت بموجب القانون المصري وحتى اليوم جماعة محظورة وليست مسجلة لدى أي جهة حكومية كجماعة معترف بها تخضع لقانون الجمعيات الأهلية، ورغم ذلك إلتقت أمريكا (ممثلة بسفيرتها) بقائد تلك الجماعة لكي تخبر العالم كله إننا نؤيد

سفيرة أمريكا في القاهرة تقابل مرشد الأخوان


الأخوان وليس لدينا أي مانع في أن يحكموا مصر طالما جاءت بهم صناديق الإنتخابات، حتى لو قلبوا حياة المصريين جحيما فإن هذا لا يعنينا في شئ وإنما هذا شأن المصريين الذين إختاروهم، ولكن هناك خطوط حمراء يجب على الأخوان إحترامها: معاهدة السلام مع إسرائيل، القضاء على جماعات الإرهاب التى تنطلق من مصر وتهرب الأسلحة إلي غزة، والحفاظ على علاقات طيبة مع دول النفط للحفاظ على صادرات النفط إلي العالم.
If You Can’t Beat Them, Join Them يوجد مثل أمريكي يقول:
وترجمة المثل، "أنه إذا لم تستطع هزيمتهم ، إنضم إليهم".

ومن الواضح أن أمريكا فشلت في هزيمة الإسلام السياسي المسلح بقيادة تنظيم القاعدة والذي إزداد إنتشارا في العراق واليمن والجزيرة العربية والمغرب العربي وليبيا وأفغانستان والصومال وعدة أماكن في العالم، وأنا أعتقد أن تنظيم القاعدة هو تنظيم مصري فرئيسه الآن مصري (أيمن الظواهري) وقائد جريمة 11 سبتمير (محمد عطا) مصر والعديد من قياداته ومنظريه مصريين، وقد بدأ هذا التنظيم برعاية وأسلحة أمريكية وتمويل سعودي في أفغانستان بهدف محاربة الوجود السوفيتي في أفغانستان وبعد إنهيار الإتحاد السوفيتي، إنقلب السحر على الساحر وبدأ التنظيم في الهجوم على المصالح الأمريكية والسفارات في العالم، وكانت قمة نجاح التنظيم الإجرامي في جريمة 11 سبتمبر وتبعتها جرائم أخرى كثيرة حول العالم من بالي في أندونيسيا إلي لندن مرورا بمدريد، وتنظيم القاعدة في نظري هو إبنا للأخوان المسلمين (سواء كان إبنا شرعيا أم لا) بدليل أننا لم نسمع أبدا من قيادات الأخوان من يهاجم تنظيم القاعدة ولو على إستحياء، ومن المدهش أيضا والمثير للتساؤل أن هذا التنظيم رغم ذراعه الطويلة إلا أنه لم يهاجم أبدا إسرائيل ولا أى من مصالحها اليهودية في الخارج، ومن المدهش أيضا أن إسرائيل أصبحت أكثر أمنا في ظل حكم حماس (ذراع الأخوان في غزة) ؟؟؟
ولما فشلت أمريكا في هزيمة تنظيم القاعدة قررت أن تساهم في صعود الإسلام السياسي المسلح إلي السطح فكانت الثورات العربية التى تتابعت مثل الدومينو عندما تتساقط، وتساقطت نظم قوية مثل أوراق الخريف، وتلك النظم كان معظمها يدين بالولاء لأمريكا، وقامت أمريكا بتدريب بعض الشباب المصري في صربيا وغيرها على كيفية قيادة الجماهير، وحتى تسمية الربيع العربي التى جاءتنا من الغرب هي تسمية خادعة لأن الغرض منها هو إعطاء صورة وردية لتلك الثورات: "الدنيا ربيع والجو بديع (مرشد الأخوان) قفل لي على كل المواضيع"!! رغم أن ثورة تونس ومصر حدثتا في عز الشتاء (تونس في ديسمبر ومصر في يناير)!!
وفوجئنا بعد نجاح الثورات العربية بأعداد هائلة من المتطرفين والسلفيين يعودون إلي مصر وتونس وليبيا، وعاد الأفغان العرب (العمود الفقري لتنظيم القاعدة) إلي بلادهم بل وشاركوا في الإنتخابات وحصدوا مع الأخوان معظم مقاعد البرلمان في مصر.

وأمريكا تعتبر نفسها الفائزة في كل الإحتمالات:
أولا: إذا نجح الإسلاميون ووصلوا للحكم ونجحوا في إتباع النموذج التركي، يبقى خير وبركة، ويقل التطرف بعد أن ذاقوا حلاوة السلطة والحكم.
ثانيا: إذا لم ينجحوا في الوصول إلي الحكم، وبقوا في المعارضة، أيضا هذا لا يضر، بل سيبدأون في ممارسة السياسة ويبعدون عن العنف المسلح
ثالثا (وهو اخيار الأفضل لأمريكا): إذا وصلوا للحكم وفشلوا، إذن فسوف يلفظهم الشارع ويعودوا إلي حيث ما أتوا إلي المساجد وفي الدعوة، ويفقدوا دعم وتأييد الشارع، ويعود الإسلام إلي سابق عهده إسلاميا وسطيا مسالما ممثلا في الأزهر.
...
ومن أجل هذا أوعزت أمريكا إلي بعض بلدان الخليج علي ضخ أموالا هائلة لدعم المرشحين الإسلاميين، وفي نفس الوقت عملت قناة الجزيرة عمايلها في تأجيج الثورات العربية وتحريض الشعوب المغيبة على النزول إلي الشوارع، وأعتبر أن الجزيرة كان لها أكبر الأثر في نجاح الثورات العربية. ثم كانت التصريحات المتكررة للإدارة الأمريكية بأن ليس لديهم مانع من التعاون من الأخوان لو وصلوا للحكم.
...
في أمريكا عندما يقومون بتحية العلم يهتفون في نهاية تحية العلم بأن امريكا تمنح "الحرية والعدالة للجميع" فهل كان مرشد الأخوان متأثرا بهذا القسم الأمريكي عندما إختار لحزبه أسم :"الحرية والعدالة"!!
samybehiri@aol.com
عن إيلاف

ليست هناك تعليقات: