الخميس، 7 يناير 2016

السيسي رأس الدولة وضع الأساس الصحيح لتوحيد الأمة بالحب

عشنا ليالى حالكة السواد طويلة الٌسهاد وهو يعير الكنيسة ويتلفظ ضدها علناً بأقسى الكلمات وأنكى الدسائس والإتهامات .. لقب نفسه بالرئيس ( المؤمن ) ، والحاكم ( المسلم ) لدولة إسلامية ، وحرض الغوغاء والدهماء على مواطنيه الأقباط وكأنه الشيطان ينتفض يهدم وحدة الوطن ويشعل نيران حرب أهلية عن عمد بخبث ودهاء .. !!


قالوا عنه أنه بطل الحرب والسلام ، ولا أدرى أى سلام صنع وقد أهداه لعدو تقليدى فى مشهد سينمائى ونزعه عن أبناء جلدته وبنى وطنه المصريين ، وحينما مُنح جائزة ( نوبل ) للسلام ، قالت مارجريت تاتشر أنه كان يستحق ( أوسكار للتمثيل ) .. !!

أطلق العنان لجماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي تعبث بالبلاد شرقاً وغرباً دون أى إحساس منه - كرئيس للدولة - بالمسئولية تجاه سلامة مواطنيه وأمنهم ، فشهدت البلاد أحداث عنف حادة متكررة بنمط واحد وسيناريو طائفى بغيض ، إستغلها هو لضرب الكنيسة ومعارضية حتى إعتقل منهم أكثر من ١٥٠٠ بين رجل دين وصحفى وسياسى وإعلامى ، كان لرجال الكنيسة الآباء الأساقفة والكهنة وأقباط مصر منهم النصيب الأكبر فى تمثيلية توازنات مفضوحة .. !!

ولم يكتف بما أصاب به الكنيسة من ( بهدلة ) وكسر نفس للأقباط التعساء برئاسته ، حتى أعلن فى حركة مجنونة ذكرتنا بتاريخ أغبرللحاكم بأمر الله والمعز وإبن طولون وغيرهم ، أعلن سحب إعترافه برئاسة البابا شنودة الثالث كبطريرك الكنيسة ، ثم وضعه أمر الإقامة الإجبارية فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون ، ثم خطط بدهاء الأشرار لسجنه وسلبه سلطاته فى إدارة كنيسته ، ويعلم الله وحده ماكانت ستؤول إليه الأمور إن إستمر السادات فى الحكم ليلة واحدة ولم تقتلعه يد الموت على أيدى ربيبته جماعة الأشرار .. !!

ثم تولى بعده المعزول مبارك ، فبادر بفتح السجون وأخرج من إعتقلهم سلفه المٌغتال ، وطالعتنا الصحف أيامها بصوره تتصدر الصفحات الأولى وهو يستقبل الجماعة ومرشدها ( عمر التلمسانى ) إبان إطلاق سراحهم ، أخرج الجميع وتصالح مع الكل ، وتباطيء وتحجج ، وتبجح فأبقى على البابا شنودة فى حجزه الإجبارى لأربعين شهر كاملة عانت الكنيسة خلالها ماعانت ، ومع جفوة العلاقة وجفاف المشاعر ، زادت الفجوة وإتسعت بين أبناء الوطن ، ومع المد الإسلاموى المتزايد وتستر الدولة على جرائم ما توقفت ليوم واحد ، بل تفاقمت ضد الأقباط وكنائسهم ومتاجرهم ومنازلهم حتى وصل الحال إلى ما نعانى منه اليوم لا فى مصر وحدها بل فى العالم كله ، وليس بخفى أن جماعة الإخوان هى الأم الولود لكل جماعات الإرهاب بإسم الدين .. وإنتهى عصر مبارك متزامناً مع إنفجار كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس عام ٢٠١١ وإستشهاد وإصابة العشرات لتشتعل الثورة ضده ثم عزله ..

تاريخ لا يكذب ، لم نقرأه وإنما عشناه ، نكتبه فى سطور ونقيسه بطول سنوات حالكة السواد بخبرات حلقات سلسلة التاريخ كله ، وكم نطوب أنفسنا أننا عشنا هذه الحلقة وكان لنا بركة الألم لنشارك الآباء والأجداد ، معترفين وشهداء وأبطال إيمان .. ولا أظن أن الكنيسة ستغفل عن تسجيل حلقات هذا الزمن ، بل أحسب أننى موقن أنها ستحتفل بذكرى الخلاص من سجن هذه الأيام كما تحتفل بمجد الرب لها بسقوط كل معانديها وفشل كل آله صورت ضدها ..

من عاش هذه الفترة منا لايمكن أن ينسى دموعه وقد إنسابت تبلل وسادته فى ليلة خطاب للسادات يوجه السباب والإتهامات للكنيسة الجريحه بيد صبية جماعاته ، وفيما هو يذنب البريء إذا به يبريء المُذنب الأثيم .. وفى الصباح نستيقظ نجمع دموعنا ونذهب بها إلى الكنيسة نسكبها بين كفتى يد الله ضابط الكل ، وهكذا تحولت التجربة إلى صلاة ، وقويت الكنيسة وتشدد ساعدها بفعل التذلل أمام من له وحده أن يرفع رأسها ..

أكتب هذا شهادة عل أن يقرأها أبناء جيل اليوم الذى لم يعاصر الأيام الغبراء فيقدر مشهد كاتدرائية الأمس ، مشهد رأس الدولة يقدم إعتذاراً لمواطنيه الأقباط محتضناً باباهم فى ليله عيدهم ، ويعدهم ببناء الكنائس وترميم ماتهدم منها وما إحترق .. مشهد يقدره من يتذكر مشهد ( السادات ) مفترياً و ( مبارك ) متراخياً متغافلاً متستراً بحبيب عدله وزير داخليته ، أو قل ( حبيب ظلمه ) ، إن شئت الدقه .. !!

وقفت أمام كلمات الرجل العملاق ( الرئيس السيسى ) وهو يناشد الأقباط : ( أوعوا حد يفرق بيننا .. !! ) ، وجرت دمعه وسالت على خدى الذى طالما صفعه السادات ومبارك ، وقلت لنفسى متسائلاً : أليس هو الرأس الذى يوحد الجسد ويضمن سلامته ؟ ، كيف لوطن أن يبقى متماسكاً ورئيسه يعبث بإتحاده ويحرض الأبناء بعضهم ضد بعض ؟ .. هذا ما فعله السادات فينا ، وورث مبارك اللعبة ، وإستمرأها ، وإستمر عليها ..

شكراً لك سيدى الرئيس عيد الفتاح السيسى ، أعجب من أناس يتسائلون إن كنت قد نجحت كرئيس فى تحقيق آمالهم وطموحاتهم وثورتهم .. !! .. وأقول لهم : ( ألا تروا معى أحبائى - مسلمين وأقباط - أن الرجل قد وضع الأساس الصحى بمثال نفسه كرأس ؟ ) .. هو رأس الدوله وقد بدأ البداية السليمة الصحيحة التى بدونها كل المحاولات فاشلة فاشلة ، فاشلة ..

وجودكم سيدى الرئيس بالكاتدرائية وسط مواطنيك الأقباط خطوة إصلاحية كبرى تكاسل عنها سالفوك وقد أفسدوا المناخ وعكروا الأجواء وبنوا جداراً حاجزاً فتت الوطن وهدد وحدته ، فإذا بك - سيدى - تهدم الجدار وتنقى الأجواء وتمسح بيد محبتك وإتضاع كلماتك الحلوة عن صدر الأقباط بل وملايين من المسلمين الشرفاء المتألمين من الأوضاع ، حاملى هموم هذا الوطن الجريح بيد إرهاب ساهم الكبار فى تربيته وتغذيته ، وفى أمر صناعته ..

نعم ، لقد ساهم الكبار فى صناعة الخراب ، وكان على الكبير أن يقوم هو نفسه بهدم آلات الخراب ، فتخلى عن كل الأعراف وضرب بالتقاليد كلها عرض الحائط ومشى بين مواطنيه الأقباط ممشى طويل داخل الكاتدرائية ويده تحى وتتلامس وتصافح أيادى إمتدت وصفقت لتحيته ، فى مشهد رائع لم يشهده تاريخ الكنيسة والوطن من قبل ..

هذا الرجل يستحق منا كل تقدير ، ويحق له أن نبادل محبته بكل الحب ، نصلى أن يؤيد الله القدير خطواته لما فيه خير البلاد ، ونصلى أن يحميه من كل شر .. كم نقدر قيمة ما يخطو به من خطوات محسوبة نحو البناء والإصلاح الذى أظنه يحتاج الكثير من الوقت والعرق والجهد .. ولكن يحسب للرئيس السيسى أنه قد بدأ ..

شكراً سيادة الرئيس .. لقد إنتظرت هذه الخطوة وطال إنتطارى لخمسة وثلاثين عام ، نعم ، منذ عام ١٩٨١ يوم أن أهان السادات الكنيسة وجرح مواطنيه الأقباط ونفى باباهم ، وأنا أنتظر ..

هذه مشاعرى تجاه مشهد كاتدرائية الأمس ، لا أفصله عن مشهد بعيد للخطاب المشئوم عام ١٩٨١ ، شاء الله - له المجد - أن أعى كليهما فأكتب كمواطن مصرى يحب هذا الوطن ، ويصلى من أجل سلامته ..

ليست هناك تعليقات: