الجمعة، 30 أغسطس 2013

حقوق الإنسان بين المسئولية والمثالية


ابرام مقار



ما يحدث بمصر الآن من عنف وإرهاب، سببه الصمت علي مدي أكثر من أربعين يوماً علي اعتصام رابعة، والذي تباري بعض نشطاء حقوق الإنسان وشخصيات سياسية في الدفاع عنه، وهو ما كان هزل في موضع الجد، فاعتصام رابعة كان بقعة من الوطن خارج سلطة الدولة وخارج القانون، وما قيل وما شاهدناه وما سمعناه بأذاننا من دعوة للقتل ضد قيادات الجيش والتحريض ضد الأقباط والكنيسة المصرية والدعوة للتخريب وبث حالة من شيطنة المجتمع وانقلابه علي بعضه البعض هي أمور برمتها تجعل هذا الاعتصام خارج أي مواثيق لحقوق الإنسان وتتجاوز كثيراً الحد الأقصي للحرية في أعتي الدول الديمقراطية في العالم.




وها نحن تركنا هذا الشحن علي مدي الليل والنهار لنصحو علي مذابح في كرداسة ورفح وأسوان وحرائق للكنائس في أربعة عشر محافظة غير المباني الحكومية والطرق والكباري، وربما القادم أسوأ فالخنجر يقتل شخصا واحدا بينما الفكر يقتل ملايين.




وكان غريباً بعد كل ما فعلته جماعة الإخوان، نجد دولا عدة -سواء عن عمد أو عن جهل- تدعو السلطة المصرية المؤقتة لأن تبادر وتدعو جماعة الإخوان وأنصار الرئيس المعزول من التيارات الدينية الأخري للمشاركة في صناعة مستقبل مصر وإلا سيعتبر تجاهلهم نوعاً من الإقصاء حسب زعمهم، ونسوا أو تناسوا أن أي جماعة لها حقوق هي أيضاً عليها واجبات تجاه المجتمع ويجب أن تعمل في إطار قوانينه، فالجماعة التي تدعو للعنف والتحريض علي الآخرين، الجماعة التي تجعل الدولة خصماً ولا تجد حرجاً في استعداء الخارج علي الداخل، كذلك الإصرار علي كسب السياسة عن طريق استخدام الدين.




الجماعة التي تعلن نتيجة انتخابات بنفسها دون انتظار إعلان القضاء للنتيجة، ثم التهديد والوعيد بأنه لو خرجت نتيجة مختلفة سيتم إحراق الوطن بمن فيه، جماعة وهي في السلطة تخالف الدستور وتحاصر أرفع محكمة في الدولة «المحكمة الدستورية» وتصدر دستورا بليل، وتهدد وتقتل المعارضين لتلك القرارات بميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة، جميعها أمور تجعل تلك الجماعة أقل ما توصف بها أنها شديدة الخطورة علي الأمن القومي.




في كل العالم الحر «تكدير الأمن العام» أو «تهديد السلم الاجتماعي» هي جرائم يعاقب عنها القانون، وتلك حقيقة حتي ولو كانت تلك الاتهامات لها سمعة سيئة في مصر بعد أن استخدمها نظام مبارك علي مدي عقود لقمع معارضيه، فلا توجد حقوق إنسان في العالم دون هيبة القانون وسيادته، والديمقراطية تحتاج إلي أمان مجتمعي يحميها، أبسط حق للإنسان علي مجتمعه هو حق الحياة والذي يجب أن يتمتع به المتظاهر ورجل الشرطة وليس لأحدهم فقط، فحينما انتقدنا أداء الشرطة في ثورة يناير وأداء الجيش في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، فعلنا ذلك لأننا كنا علي ثقة من سلمية المتظاهرين.




فالشيخ عماد عفت ومينا دانيال وأحمد حرارة شخصيات لا تفعل سوي الصراخ من أجل وطن حر عادل، فهم لم يتعلموا من رسائل شخص مثل «حسن البنا» أو من كتابات الإخواني «سيد قطب» الذي يؤمن بوجوب هدم الدولة ولم يتعلموا السياسة من خلال تنظيم سري احترف القتل عند الاختلاف علي مدي تاريخه.




أمريكا تحظر منظمة «K.K.K» من العمل علي الأراضي الأمريكية لأنها منظمة تؤمن بالعنصرية ومعاداة السامية والكاثوليكية، كما أنها تؤمن بالعنف والإرهاب، ولا يعتبر العالم أن حظر تلك المنظمة نوع من أنواع الإقصاء أو تراجع في حقوق الإنسان في المجتمع الأمريكي.




كذلك ألمانيا بعد سقوط النازية قامت بمحوها من المجتمع الألماني وحظرت علامة النازية وقامت بتغيير أسماء الشوارع التي حملت أسماء لنازيين، كل دول العالم تعزل وتحظر وتعادي أي جماعة من مواطنيها لو فعلوا نصف ما يؤمن وتفعل جماعة الإخوان، بينما يريدون أن يحكمون بلادنا ... يالا العجب.

ليست هناك تعليقات: