الأحد، 31 مارس 2013

عندما غضب الرئيس


 م.حسين منصور
عندما غضب الرئيس للمظاهرة والاحتجاج عند درة الإخوان، مقر الارشاد في المقطم ووجه ما وجه من تهديد ووعيد بالفرم وخلافه فضلاً عن حديث الأصابع تلويحاً وتفعيلاً.. كان وجه الرئيس يمتلئ غضباً وكراهية لكل ما هو خارج على الإخوان.. وكانت نظراته تطلق بغضاً وبعداً عن التسامح الجليل والنبيل المنتظر ممن هو في موقعه..!! ولكن الرئيس أبي إلا أن يكون مدافعاً أبياً عن تاريخه وانصياعه الكامل لجماعة الاخوان.. لا لشعبه.. فلم نشاهد نظرات الغضب وحديث الوعيد في أعقاب مقتل الجنود المصريين في رفح.. ولم نلمح شرارات الحنق والتهديد عندما سالت دماء المصريين وتم تعذيبهم على أسوار قصره الرئاسي..
< حديث الكراهية حديث رائج ليس فقط لدى الأعضاء المنتمين تنظيمياً لتيارات الدين السياسي بل هو المكون الأصلي لهؤلاء ولمشاريعهم لاسيما أصحاب الدرجات التعليمية.. فلا يخلو حديث أو تفنيد لحجج لهم إلا من صب اللعنات على الفريق المخالف ووصمه بالعمالة واعتباره معادياً للدين.. واضعاً المختلفين معه في حقيبة الشيطان في سرعة بالغة وفي تهويش مدهش بلعبة المتاجرة بالدين.
< والكراهية عملية نفسية مصاحبة لفكرة امتلاك الحقيقة.. وقد تكررت تلك الظاهرة عبر التاريخ الإنساني.. فقد شاهدنا فصولاً منها إبان الثورة الانجليزية المجيدة حين انقسمت انجلترا على يد المتشددين البروتستانت ودخلت في صراع أهلي استمر لنصف قرن.. وبالطبع كانت الرغبة في التسلط والإمساك بتلابيب الحكم الدافع الرئيسي للكراهية التي دفعت اليعاقبة إبان حكم الإرهاب في فرنسا إلي تعقب مخالفيهم وإلصاق أبشع التهم بهم حتى انتهى الأمر بتعقب أعضاء لجنة الأمن العام وإنقاذ الثورة لبعضهم البعض.. وغنى عن الذكر عمليات التطهير القبلي التي وقعت بالكونغو الحزين في نهاية القرن المنصرم وأعمال تأجيج الكراهية البغيضة التي كانت لها أكبر الأثر في نفي الآخر في تلك المذبحة الإنسانية.
< ولقد تعلمت الانسانية من جراء الحروب الدينية والطائفية والاثنية التي مرت بها لتخفيف حدة آثار المنازعات والعبور على تلك الخلافات بأقل الخسائر الممكنة.. ولكن هذا يستدعي وجود نخب وطلائع تملك بصيرة ورشادة تتعلم من الكوارث الماضية.. فهل يجد هذا صدى لدى هؤلاء الذين يستهينون بفكرة هدم القضاء تحت مزاعم يتم اشاعتها عن فساد سري.. وهل نجت بقية المؤسسات من هذا الفساد..!!.. ولعل تصرفات النيابة العمومية في توجيه همتها لملاحقة خصوم الرئاسة وانصرافها عن جرائم ارتكبها مشايعو الرئاسة يبرر بجلاء لا لبس فيه اصرار الرئيس ومن خلفه جماعته على عزل النائب العام عبد المجيد محمود ترغيباً تارة وترهيباً أخرى..!! ترغيباً عندما عرضوا عليه منصب السفير الحائر في الفاتيكان والذي لا يجد من يشغله.. وترهيباً عندما فاض بالجماعة الرغبة العارمة في ملاحقة الخصوم وفرمهم فخرج الرئيس بإعلانه غير الشرعي لاهدار سلطة القضاء وعزل النائب العام وتعيين نائب عام مخصوص للرئاسة.
< حديث الكراهية والاستعلاء والاستقواء كان مختفياً في مرحلة التقية عندما كانت تستدعي كل القوى الوطنية لإدانة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.. ولعله من المفارقات المدهشة حينما طالبنا بحق الاخوان في الوجود الشرعي.. لم يكونوا هم متحمسين لهذا.. فالوجود الفعلي وعدم الوجود الرسمي يعطي مساحة للحركة بلا محاسبة ويعطي فراغاً للوجود واستصدار القرارات والهيمنة بلا ملاحقة.. وكان من سوء طالع الوطن أن يدفع المصريون ثمناً باهظاً لفكرة الهيمنة غير المسئولة بانتخاب رئيس حزب الحرية والعدالة إحدى صور وجود الجماعة ليبقى الرئيس بالواجهة ويظل صانع القرار مختفياً في مكتب الإرشاد في شكل عبثي لقيادة دولة كبيرة مثل مصر أقدم حكومة مركزية في التاريخ.. يتم حكمها دون مساءلة ودون معرفة حقيقية لدوافع صناعة القرار ولا آثاره المترتبة لاحقاً.. وهكذا أصبحنا في دولة الأشباح وتلك واحدة من أسوأ صور الفاشية والطغيان التي يمر بها تاريخ الإنسان.. حيث تنعدم المحاسبة والمساءلة ويختفي صانع القرار ويصبح إلقاء أوشحة من التبريرات الدينية والمزاعم الأخلاقية خلفية غير جادة لتفسير الواقع البائس والمستقبل المجهول المظلم.. ويصبح الانقسام الوطني سائداً ومتزايداً تحت صمت الكراهية ونفي الآخر وإزالته.
< يتحدث بيان صادر عن الإخوان عن أحداث المقطم فيعبرون عن أسفهم وحزنهم لهذا الارهاب الصادر عن فئة البلطجية المأجورين ويتحدث عن تعرضهم لاعتداءات وحشية ثم يستطرد الى أن بعض السياسيين ارادوا تحويل الخلاف السياسي الى صراع وعدوان.. هكذا ببساطة.. ولكن الإخوان لم يحدثونا عن هؤلاء الذين اعتلوا قمم الهضاب ليطلقوا مقذوفاتهم على المتظاهرين.. ولم يحدثونا عن تحويل المساجد بكامل المقطم لثكنات عسكرية يحشدون بها أسلحتهم ويحتجزون بها خصومهم.. هذا بيان للكراهية والفتن.. ولا يختلف هذا البيان عن مطالبة محمد أبو سمرة أمين عام الحزب الاسلامي «جماعة الجهاد» للرئيس باتخاذ قرارات استثنائية لحماية مصر فالزمام سيفلت إذا لم يطبق القانون والإسلاميون هم أكفأ من يستطيع الحصول على حقوقهم بأيديهم..!! ويستطرد داعياً لحماية الاسلاميين من الاعتداء على المساجد وذبح المسلمين أمام مكتب الإرشاد!!.. هو ببساطة يتقول كل هذه الأكاذيب ويؤجج نيران الكراهية.
أما عاصم عبد الماجد عضو شورى الجماعة فيقول: «إنهم يريدون اسقاط مرسي لأنه رجل يقول ربي الله ويمثل فصيلاً اسلامياً».. فقد أغوته لعبة المتاجرة بالدين لتأجيج نفي الآخر وإزالته.. لعبة لعبها زملاء له في أفغانستان والصومال والسودان.. ولكنّ مصر الحضارة والتسامح والمصريين أصحاب تلك الحضارة والقدرة على التعايش السلمي والبناء للأمام لن يسقطوا في ذلك الفخ وستنتصر ثورتهم المستمرة لقيم الحياة والحرية والعدالة والإنسانية.


ليست هناك تعليقات: