الاثنين، 17 سبتمبر 2012

خدعة الدستور (الدستور نزل الملاحة للكاتب ابراهيم عيسى)








يبدو أننا لسنا أمام دستور قريب

الإخوان يملكون الرئاسة والتشريع والحكومة، ويفعلون ما أرادوا وما أبادوا، فعلى إيه وجع القلب ودستور وبرلمان، ما احنا قاعدين راكبين واكلين شاربين.

أما أعضاء اللجنة التأسيسية من غير الإخوان، فبعضهم يملك ثقة عبد الحكيم عامر فى دفاعاته الجوية، يتحدث بمنتهى القوة عن الدستور القادم كأنه يا عينى عارف فى إيه فعلًا. تعاطفى، رغم أنه وحده مش كفاية، إلا أنه يلازم شفقتى كذلك على ثلاثى اللجنة الكبار السيد عمرو موسى والصديقين أيمن نور ووحيد عبد المجيد، فإنهم بكل الصدق والاحترام يملكون ثقة ليس لها أى أمارة سابقة أو لاحقة فى جماعة الإخوان ويملكون كذلك الإحساس المبالغ فيه أنهم قادرون على إدارة الدفة لحظة غرق المركب، وهو ما يشبه تمامًا أعضاء لجنة الشورى لاختيار رؤساء التحرير الذين كانوا ينعمون برضا مثير للأعصاب عن أدوارهم، ثم إذا بهم يستقيلون بعد فوات الأوان، وقد وفّروا للإخوان شروط الطهارة، وأخشى أن يكون مصير لجنة الشورى هو نفس مصير هذا الثلاثى، وهو الأنشط والأكثر حضورًا، ومعهم آخرون ممن تتبع نواياهم الحسنة تورطاتهم السيئة تحاول محوها.

لا حسام الغريانى يبعث أى طمأنينة فى قلب أحد من القوى المدنية بمثقال حبة من خردل، ولا هؤلاء الذين لم يكونوا ليرفضوا عضوية لجنة مثل تلك لو دعاهم إليها حسنى مبارك أو فتحى سرور، إنهم ملح أرض النفاق الذى لا تخلو منه أرض، ولا ينبت زرع سياسى فى مصر إلا وقد علق به مثل دود القطن.

الدستور يتخبط بين اقتراحات بائسة، وكلما شعر أحدهم بألم فى بواسيره اقترح لنا مادة تسمم على مصر عيشتها، ويرتع فينا المطوعون والمتنطعون ليُزايدوا ويزيدوا ويكتبوا دستورًا كأنه قانون لتنظيم سوق العبور، فتغزر المواد وتزداد تفصيلا، حتى إن باب الحريات المقترح يكاد يتحول إلى باب زويلة تُشنق عليه الحرية، لا باب تنفتح به لمصر أنوار تقدمها.

ولا أتمنى أن يتحفنى متفائل من أصدقائنا فى اللجنة أو أن يطلب منا دعمًا ومساندة لممثلى القوى المدنية داخلها، فالتفاؤل قد يحتاج كشفًا فوريًّا عند الدكتور يحيى الرخاوى، وطلب الدعم يشبه صرخة نور الشريف على محمود عبد العزيز كى ينزل معه إلى الملّاحة، للتأكد مما حدث لتفييش الهوامش.

الشىء الوحيد الذى يجوز لبعضنا فعله مع لجنة الدستور بعدما تكشّف لنا حجم تركيز الإخوان والسلفيين على كتابة دستور يليق بصحراء نجد، أن ينسحب ولا يتحجج بالعقلاء فى جماعة الإخوان، فالحقيقة الواضحة أننى شخصيًّا أكثر تأثيرًا داخل جماعة الإخوان من الدكتور محمد البلتاجى، فحوارات الليبراليين معه لا تفيده ولا تفيد الليبراليين والمستفيد الوحيد من مكالماتهم المتواصلة هو شركات المحمول، وأثق أن فاتورة الدكتور البلتاجى تجعله أبرز عملاء فايف ستارز لديها.

إن كل المؤشرات تشى بأنه سيكون دستور الدكتور مرسى، فهل تتحمل مصر دستورًا تأتى نسبة التأييد له والموافقة عليه واحدًا وخمسين فى المئة.

ستكون هذه كارثة بالمعنى الحرفى، فالدستور ليس رئيسًا نغيّره أو نُبقى عليه بعد انتخابه، ولا شخصًا يمكن أن تتأرجح نسب تأييده، فترتفع أو تنخفض بعدما تظهر ممارساته.

لا بد أن نصحو قليلا، لأننا بهذا الشكل نعك وسط صخب متصابى السياسة ومراهقيها ومكفريها ومكفرينا.

الدستور لا يحتمل انقسام الشعب عليه، ولا يمكن أن يمر بنسبة خمسين فى المئة، فهذا سيكون إنذار نهاية محدقة.

مواد الدستور، إن كان محترمًا من محترمين، لا بد أن تتضمن بالحتم وبالضرورة مادة تقرر أن إقراره لا يجوز إلا بنسبة تصويت لا تقل عن خمسين فى المئة ممن لهم حق التصويت، وبموافقة سبعين فى المئة ممن اقترعوا فى الاستفتاء، وإلا يبقَ هذا الدستور القادم قنبلة زمنية تنفجر فى أى وقت.

ومعلوماتى أن اللجنة التأسيسية لا تضم من بين أعضائها خبير مفرقعات.

رأي
الدستور

ليست هناك تعليقات: