السبت، 25 أغسطس 2012

مصر محتلة عسكريا وايدولوجيا


مِصــرُ مُحتـَـلـَّة
بقلم
مهندس عزمي إبراهيـم
ما كنت أود أن يأتي يوم في حياتي لأكتب مثل هذا المقال.. وما كنت أود أن ياتي يوم في حياتي واشعر بما أشعر به اليوم من خزي وكآبة وإحباط وعار. كل الأمور والأدلة والمعالم من حولنا تشير إلى أن وطنّا مصر الحبيبة محتلة. ولا يمكن لعاقل مصري مسلم أو مسيحي أن يشك في ذلك أو ينكره.
وتعريف الاحتلال هو "عملية استيلاء دولة أو قوة أجنبية على جميع أو بعض أراضي دولة أخرى". وبموجب القانون الدولي "يكون هناك احتلال حين تمارس دولة أو قوة ما سيطرة فعلية غير مقبول بها على أراضٍ لا تملك حق السيادة عليها" الاخوان المسلمون "قوة أجنبية" تمارس سيطرة فعلية غير مقبول بها على أرضٍ مصرية لا تملك حق السيادة عليها.
معظم العامة يفكرون في نوع واحد من الاستعمار وهو الاحتلال العسكري لأنه الأقدم تاريخياً والأكثر وضوحاً كالاستعمار البريطاني والفرنسي والتركي في العصور القريبة. وهو استعمار بغيض ولكنه ليس أخطر أنواع الاستعمار. فالاستعمار الايديولوجي أشد خطورة وتأثيراً وسلبية على الدول المستعمَرة وتزداد خطورته عندما يجمع الصفتين: العسكرية والايديولوجية، كما هو في الاستعمار العربي الاسلامي عندما غزا واحتل دول الجوار الأربعة:مصر وفارس والشام والعراق وما تبعهم من دول أخرى شرقاً وغرباً. فقد كان استعماراً عسكرياً وايديولوجياً.
قامت عبر التاريخ حروب وغزوات كثيرة. ومصر بحكم امتداد تاريخ وجودها في أعماق الزمن ولأهمية ثرواتها الانتاجية وموقعها الاستراتيجي تعرضت لعديد من الاستعمارات العسكرية التي مهما تراوحت فترات بقائها بمصر ورغم وضوح آثارها وتأثيرها على المجتمع المصري لم تَمحُ هوية الوطن ولا لغته ولا ثقافته ولا تقاليده ولا كرامة مواطنيه.
أما الاستعمار العربي لمصر (ولغيرها) فكان استعماراً إلى جانب طابعه العسكري البربري له طابعه الايديولوجي أو ما يسمى الغزو الديني أو العقائدي أو المذهبي. هذا اللون من الاستعمار أو الاستيطان هو أقسى أنواع الاستعمار قاطبة. فالمستعمر العربي استعمر الدول بحد السيف وفرض الدين على مواطنيها عنوة وقسراً (الأختيار الثلاثي الشهير: الإسلام أو الجزية أو القتال أي القتل) وتبع ذلك بطرق أخرى كالضغط والظلم والتمييز والتهجير والكبت والقمع والإذلال والارهاب والتعصب والاغتصاب والاستبداد والاستعباد والسبي، والتصفية الجسدية الفردية والجماعية، والاستنزاف المعنوي والاقتصادي، وتقييد بل تحريم وتجريم ممارسة الأديان الأخرى.
نتج عن ذلك أن صار أبناء مصر (وشقيقاتها الشام والعراق وفارس وغيرها)، حتى من أسلم منهم، مُذَوَّبين على المشاع فيما يسمى "الدولة الدينية الكبرى" أو "الحكم الديني الإقليمي" ضائعين عرقاً وهوية، منسيين تاريخاً، فاقدين لغة، مندثرين تقاليداً، مُداسين حضارة، محتَقرين عقائداً وأدياناً، ومواطنين من الدرجة الثالثة عشر في عقر أوطانهم. فتلك الدول محتلة بكامل معنى الاحتلال. ولا يختلف في ذلك عاقل. وعلى العموم فهذا فصلٌ من التاريخ ومُقـَدَّرٌ واقع ولن يفيد البكاء على اللبن المسكوب، أذكره بقصد الانتبـاه إليه فلا تنزلـق أقدامنا عليه مرة أخرى!!
كما أدرجت في مقدمة المقال أن تعريف الاستعمار هو "استيلاء دولة أو قـوة أجنبية على جميع أو بعض أراضي دولة أخرى". نعم، الاخوان ليسوا "دولـة"، ولكن مخطيء من يظن أنهم ليسوا "قـوة أجنبيـة". الاخوان المسلمون "قـوة أجنبيـة" وليسوا مصريين، أو تابعين لمصر أو حتى تابعين لأي دولة عربية أو دولة مسلمة أو غير مسلمة. فهم جماعة على "المشاع" في كل أنحاء العالم حتى في الدول الغير مسلمة. الاخوان أعضاء جمعية عالمية أقسَم أعضاؤها يمين الولاء "للجماعة" لا "لوطن معين".. لأن ليس لهم وطن!!
فوَلاء الاخوان ولاء انتماء "شائع" أو "على المشاع" كما يقال في علم المساحة والعقارات، أي غير محدد بحدود وطن. ولاؤهم وانتمائهم ليس لمصر. هذه هي الحقيقة!! وأدرج هنا قسَم الولاء الاخواني حرفياً ولن يجد به القاريء أي ذكر لولاء لوطن: ((بسم الله الرحمن الرحيم. أُبَايِعُكَ بِعَهْدِ اللهِ ومِيثَاقِهِ عَلَىْ أَنْ أَكُونَ جُندياً مُخلِصًا، عَامِلاً في جَماعَةِ الاخوان المُسْلِمِينَ، وعَلَىْ أَنْ أَسْمَعَ وأُطِيعَ في العُسْرِ واليِسرِ والَمنْشَطِ والمَكْرَهِ إلاَّ في مَعْصِيةِ اللهِ، وعَلَىْ أَثَرَةٍ عَلَىّ، وعَلَىْ ألاَّ أُنَازِعَ الأمرَ أَهْلَهُ، وعَلَىْ أنْ أَبْذُلَ جُهْدِي وَمَاليِ ودَمِي في سَبيلِ اللهِ ما استطعتُ إِلى ذَلِكَ سَبِيلاً واللهُ عَلَىْ مَا أَقُولُ وَكِيلٌ" "فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ")).
مرة أخرى.. لا ذِكر بقسَم الاخوان لولاء لوطن، أي وطن. فمخطيء من يظن أن عضو جماعة الاخوان المسلمين له ولاء له لمصر. نعم، منهم ملايين ولدوا بمصر من أباء وجدود مصريين وعاشوا ويعيشون بها ويحملون جنسيتها. ولكنهم أعضاء تابعين لجماعة "الاخوان المسلمين" وهي جماعة بلا وطن معين. شأنها شأن الجماعات الإرهابية العالمية كـ"القاعدة" منظمة أسامة بن لادن الإرهابية.التي تتبرأ منها كل الدول، وتتبرأ من أعضائها الدول التي ولدوا بها والتي يقيمون عليها
وتاريخ الاخوان بمصر معروف.. هم موجودون في مصر منذ عام 1928، ولم تقم لهم قائمة إلا اليوم. لقد طفوا على السطح فترات وطوردوا واختفوا تحت االسطح وفي بطون السجون والمعتقلات فترات أطول. وذلك بسبب مطامحهم السلطوية التوسعية الشمولية واستعدادهم الدموي "أعِـدُّوا" لتحقيقها بأي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة، الاغتيالات المعنوية والتصفيات الجسدية أنواع منها.
عرض عليهم جمال عبد الناصر فرصة أن يشاركوا في الساحة السياسية ولكن أطماعهم الأنانية كانت أكبر من "المشاركة"، كانت في "السلطة الكاملة" و"امتلاك الكل" فرفضوا ودبروا محاولة اغتياله التي فشلت، فطواهم وطاردهم. أعطاهم السادات نوافذاً وأبواباً ليساندوه ضد الناصريين وغيرهم لكن أطماعهم الأنانية كانت أكبر فاغتالوه. ولعب مبارك بورقة الدين والتفرقة بين المواطنين فتضخمت الاخوان وتفرعت منها جماعات وتفريعات اسلامية متطرفة إرهابية عديدة سَرَت وتسربت في نخاشيش ومؤسسات ونقابات مصر، وخارجها.
ولكن لم تصل الاخوان إلى مأمولها السلطوي حتى قامت "زوبعة 25 يناير 1011"، بمجموعة من الشباب المصري الحر المنتفض والمتشوق إلى الحرية والديموقراطية وإصلاح الوضع الاجتماعي والاقتصادي بمصر. وكان ينقص هؤلاء الشباب القيادة والتخطيط والخبرة السياسية. فاندست الاخوان بين صفوفهم وتضامنت مع الجماعات الاسلامية الأخرى واقتنصوا منصات ميدان التحرير وميكرفوناتها اقتناصاً. سرقوا ثورة الشباب وأعلنوا ملكيتها رغم رفضهم المشاركة فيها في أيامها الأولى. ثم بالتضامن مع الاسلاميين وبتخاذل أو تضامن القيادة العسكرية الحاكمة أشاعوا في مصر جواً لم تره مصر في أي عصر من تاريخها الطويل. غمروا مدنها وقراها، وشوارعها وحواريها، وميادينها ونواصيها بالفوضى والارهاب والقتل والحرق والنهب والخطف والسحل والاغتصاب وقطع الطرق ودهس الأبرياء وهتك العرض وتعرية العذارى.. حتى كتابة هذا المقال.
وكما سرقوا ثورة الشباب أو ثورة التحرير، سرقوا عمليات الانتخاب الثلاثة بمساعدة العسكري (شاء أم لم يشاء) باصرارهم أن تتم الانتخابات قبل وضع الدستور. بدءاً بالالعوبة الفاجرة بالتصويت بـ "لا" تؤدي لجهنم و"نعم" تؤدي للجنة، تلاها انتخابات البرلمان المفبركة، ثم انتهت بانتخابات رئاسة الجمهورية التي قيل فيها ما قيل. تمت تلك الثلاث مراحل الانتخابية التي يدَّعي الاخوان أنها ديموقراطية بطرق أقل ما يقال عنها أنها غير ديموقراطية، بل هي غير نزيهة محشوة بالتزوير والتزييف والارهاب والتلفيق والرشاوي. لخصها الدكتور خالد منتصر بمهارة وصدق فى مقال له بعنوان "ديمقراطية الزيت والسكر والمسطرة". وأستسمحه بنقل فقرة منه حرفياً "تزييف وتزوير الوعى بدأ من منابر المساجد التى احتلها الاخوان والسلفيون الذين لا يحتاجون إلى مقار أو لافتات، فكل مسجد أو زاوية فى مصر صارت مقراً انتخابياً ولافتة دعائية، وبعدها نقول ديمقراطية! تبدأ الخطبة بذكر أفضال وعظمة وجمال وتقوى وورع حزب الله الاخوانجى، وتنتهى بالدعاء على الفسقة الفجرة أعداء الله من الليبراليين والعلمانيين من حزب الشيطان، ومن أفلت من مفرمة تزييف الوعى المنبرية ، دخل فى مغسلة الفضائيات الدينية التى تمارس نفس الدور بشكل أكثر مهارة وبفلوس ورواتب أكثر وفرة!! ومن أفلت من هذا وذاك اشتراه الاخوان بكيس رز وزيت ولحمة، واشترى أولاده بقلم ومسطرة مكتوب عليها اسم الحزب!! وبعدها نقول ديمقراطية."
بكل ذلك.. وبالضغوط المغرضة من دول شرقية وغربية، وبالتهديدات والتحالفات الغير سوية تسرب الاخوان إلى نواصي السلطة بالشارع المصري. وبالصفقات المريبة السرية والعلنية التي أدت لركوب الدكتور محمد مرسي عضو جماعة الاخوان وأحد قياداتها على صهوة مصر. وبتبعية الرئيس للأخوان مقسَماً بالولاء لمرشدها وأهدافها التوسعية التي "على المشاع"، أي لا ولاء لها لوطن بعينه، فيمكن الجزم بعدم ولاء مرسي حاكم مصر لمصر، ولا إخلاصه لها لأن تكون دولة حرة مستقلة!! لأن ولاءه للجماعة التي جوهر أهدافها أن تكون مصر ولاية أو دويلة شأنها شأن الصومال وأفغانستان في خلافة وهمية خرافية جوفاء لا قوائم لها ولا فائدة منها إلا أغراض شخصية سلطوية بحتة لمن ينادون بها. خلافة بعيدة عنا جغرافياً وفكرياً وقلبياً ومعنوياَ واقتصادياً.. خلافة لا تنتج ولا تعمل ولا ترعى ولا تراعي. خلافة تحكمنا بالريموت كنترول وتسحب أموال الوطن (الخراج السنوي) ليثرى الخليفة وحاشيته وذبانيته وجواريهم وما ملكت أيمانهم.. ويجوع الغلابة المستعبَدين أبناء الوطن دويلة مصر وأخواتها!!.
هل في هذا المنطق تجَنـّي على السيد الرئيس محمد مرسي؟ طبعاً لا. فكل الدلائل تؤيد اعتقادي. قراراته ليست مصرية الهدف. خطبه يلقيها من منابر المساجد، تحياته في افتتاح خطبه موجهة إلى "أهلي وعشيرتي" لا "لأبناء وطني"، تعاطفه مع التيارات الاسلاميين والجماعات المتطرفة دينياً والمتأسلمين حماس وقادة غزة والقاعدة والسلفيين والوهابيين وغيرهم خريجي السجون، والترحيب بحاملي سلاح الجهاد الإرهابي الدولي، وعفوه عن الارهاببين المعتقلين لجرائم أمنية وطنية، وفكرة بيع قناة السويس لامبراطورية قطر، وزيارة أمير قطر المشبوهة للرئيس مرسي سرياً بمصر دون التصريح بأهدافها أو نتائجها، ومحاولة تقسيم مصر واهداء أرضها المقدسة لغيرها. وفتح حدود الوطن لمن يشاء من الارهابيين والمغرضين يدخل ويخرج كالبارات وبيوت العواهر.. كل هذا وغيره صارفاً النظر عما تعانيه مصر من مشاكل في جميع حناياها الحيوية الداخلية من مياه وكهرباء وخبز إلى بطالة وفوضي أمنية وفساد اجتماعي وانحلال أخلاقي وركود اقتصادي. هذا علاوة على مناورات اللجنة التأسيسية الاخوانجية لتفصيل دستور ديني عل مقاسه ومقاس الجماعة والضغط على المعتدلين من أعضائها حتى اضطرارهم للانسحاب منها. واصدار المشايخ الاخوانيين والاسلاميين عامة لفتاوي عديدة تعسفية مغرضة بتكفير واهدار دم المواطنين الأبرياء المختلفين معهم في الرأي دون رادع من قانون. واستبدال رؤساء التحرير ورجال الصحافة والأعلام المعارضين والمعتدلين بآخرين اخوانيين. واغلاق الفضائيات المعارضة في الرأي رغم اطلاق العنان للفضائيات الدينية المتطرفة التي تبث البذاءة والحقد والتلفيق والتحريض على سفك دماء المواطنين. هذه عينات فقط من تمكين الرئيس مرسي للأخوان للسيطرة على مقاليد الدولة ومفاصل اجهزة ومؤسسات ووزارات وسلطات تشريعية وتنفيذية والسعى الى الاستحواذ على السلطة القضائية.. الأمر الذي لا يترك مجال للشك على أن مصر محتلة باحتلال بحكم عسكري ديني أخواني قمعي سلطوي يطرد فكرة المدنية الحرة والديموقراطية الحقة من مصر ويغلق الباب خلفها لأمـد طويـل (لا قـدَّر اللـه).
الاستعمار العسكري يمكن التخلص منه بثورات شعبية أو نضال قومي خلال سنوات معدودة، وهناك استعمارت عسكرية لم تبق حاكمة إلا بضعة شهور. أما الاستعمار الايديولوجي الديني وهو عسكري في نفس الوقت فيشهد التاريخ أنه لا يمكن التخلص من براثنه وأنيابه في قرون. حيث يتسلح المستعمر الديني بسلاحين: فكل أعضائه وتابعيه مجاهدون مجندون مسلحون في مليشيات منظمة عسكرية وإعلامية مدربة لقمع وتحطيم وتخوين وتهشيم وتهميش أي معارضة، كما أنه يلعب بمشاعر العامة البسطاء والأميين وهم غالبية الشعوب في دول الشرق، ويقنعهم أن المعارضة له نضال ضد "اللــه" وكأن المستعمر هو "اللــه" أو موكل منه، ويتهم معارضيه بالكفر والزندقة ويحلل قتلهم باسم "اللـــه" وباسم "الديــن".
لقد بدت هذه الأيام بشائر ومعالم هذا التيار الاستعماري فارتفعت أصوات اخوانية متطرفة تتشدق بالتكفير والتمييز وفرض الجزية..لا يفرض الجزية على أبناء الوطن إلا مستعمِر. مقالي هذا ليس ضد الإسلام بل ضد "الإسلام السياسي" و"الاستعمار الاسلامي الاخواني". فقد حكم مصر في أزهي عصورها الحديثة عصر "الزمن الجميل" مصريون مسلمون مؤمنون لم يرتفع في عصرهم صوت متطرف بمثل هذه الترهات.. لأنهم كانوا مصريين مسلمين مؤمنين حقيقيين. ولم يكونوا مستعمِرين.
الرئيس الحاكم لمصر اليوم اخواني، أي أنه عضو في جماعة الاخوان بل ومن قياداتها، ولم يكن يصل إلى كرسي الرئاسة لولا اجتهادات الاخوان التى يعلم الشعب المصري أنها اعتمدت على التزوير والتلفيق والخداع والتخوين والتخويف والتهديد والارهاب والصفقات المشوبة سرية وعلنية بداخل مصر وبخارجها خاصة بحماس وقطر وإيران وأمريكا واسرائيل.
وهنا أستسمح الأستاذ إسماعيل حسني في اقتباس فقرتين من مقال رائع له "فشل الرئيس في إقامة توافق وطني يضمن الإستقرار في البلاد... أننا كسائر المصريين نرجو لبلادنا فسحة من استقرار تعود فيها الحياة لمجرياتها الطبيعية، إلا أن الرئيس مرسي لم يمنحنا هذا الترف، وضن علينا بهذا الهدوء سواء بما اتخذه أو بما لم يتخذه من قرارات.
فالقرارات الأولى التي أصدرها الرئيس مرسي لم تكن قرارات مصرية الطابع وتحقق أهداف ثورة 25 يناير، بل كانت قرارات إخوانية صرفة تهدف لتمكين الجماعة من مفاصل الدولة وأجهزتها. فبدلا من الدعوة لانتخابات تشريعية جديدة جرى تحدى أحكام القضاء وتقرر إعادة مجلس الشعب المنحل، وبدلا من إعادة تشكيل تأسيسية الدستور المطعون عليها جرى تحصينها بقانون، وبدلا من الإفراج عن المعتقلين من الثوار تم الإفراج عن المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم إرهابية، ثم خالف الرئيس تعهداته بتشكيل فريق رئاسي من مختلف الإتجاهات وتعيين نوابا بينهم قبطيا وامرأة، ثم جاءت الهجمة الاخوانية على الصحافة والإعلام وتشكيل الحكومة الصادم ليؤكدا أن المائة يوم الأولى من حكم الرئيس سوف تستنفد في الإسراع في فرض هيمنة الجماعة على أجهزة الدولة، مما دفع القوى الوطنية للإسراع بالتحرك لإيقاف هذا المخطط المدمر."
ومن جانب آخر.. الاخوان ما زالوا يرفضون توفيق أوضاعهم وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية، حتي لا يتم إخضاع أنشطتهم لرقابة أجهزة الدولة، غير معترفين أن الشعب المصري من حقه معرفة ماهية الجماعة ومبادئها الوطنية وموقفها السياسي ووجودها القانوني ومصادر تمويلها المختلفة. فهم يضعون أنفسهم فوق الدولة وفوق قوانين الدولة. بل يعتقدون أنهم هم الدولة.. ولذلك أعتقد أنهم محتلون لمصر وجارين توطيد احتلالهم لها.
وأعجب كل العجب من د. محمد مرسي رئيس جمهورية مصر. الرجل الذي عاش وعمل ورَبّى أولاده وذاق طعـم الحياة الكريمة الحرة هو وأسرته في أمريكا منبع الحرية وحصن الديموقراطية والإنسانية ومعقل احترام القانون والإيمان بأن رعاية الفرد من رعاية الوطن، كيف يرضى للمصريين أبناء وطنه بأقل من تلك المحاسن!! ولكني أعرف السبب، ومتى عُرف السبب بطل العجب. السبب سببان أولهما أنه اخوانجي والاخوان جماعة قمعية سلطوية ضد الحريات بصفة مطلقة. والسبب الثاني أنه أقسم للولاء للأخوان، والخنث بقسَم الاخوان ثمنه الاغتيال الصريح.
مصر اليوم محتلة بالفاشية الدينية المتأسلمة. ولن ينكر ذلك إلا.. إخواني.. أو جاهل أو مخدوع.
مصر محتلة.. ولكن إلى أجل ليس ببعيد حين يستيقظ رمسيس مصر الجديد. إبن مصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول وغيرهم من الأبطال الأوفياء لمصر.
فلتقف مصر اليوم وقفة الحر مع أبنائها الأحرار لإيقاف "أخونة الوطن". فيمد كل نجم ورائد بالساحة السياسية المصرية يده لباقي نجوم ورواد الحرية بالساحة ليوحدهم ويحتضن أتباعهم ويؤلف شمل أحرار وشباب وكل شعب مصر من فلاح وعامل ومدرس ومهندس وطبيب ورجل وامرأة ومسلم وقبطي صفاً واحداً، ويقودهم نحو الحرية البيضاء أو الحمراء ويرفع عن مصر هذا الكابوس الثقيل الكئيب.. فتعود مصر حـرة أبيَّـة ديموقراطيَّـة تكفل لمواطنيها نقاء وكرامة الحياة وحرية الإبداع والتعبير وحرية الأديان لجميع مواطنيها

ليست هناك تعليقات: