الاثنين، 13 أغسطس 2012

الفلول وأعداء الأسلام



بدايةً، قرائي المتابعون لي، ليسوا بحاجة إلى قراءة هذا البيان لأنهم يعلمون ما به. إنما هو لمَن لم أتشرف به قارئًا لمقالاتي أو كتبي، وليس على دراية كافية بتوجهاتي وأفكاري. إليهم هذا البيان التوضيحي.

أرجو أن يكون واضحًا للجميع أن اسمي غير محسوب على حزب أو تيار أو أشخاص. بعضُ الناس- بإيعاز من فيالق الإخوان- يحاولون أن يربطوا بين اسمي وبين أشخاص معروف عنهم مداهنتهم للنظام السابق في وقته، ثم الانقلاب عليه بعد سقوطه. أو أشخاص لهم حساباتٌ خاصة مع رجال أعمال، أو مع المجلس العسكري أو مع سلطات غير مصرية. ولكنني أعلن أن اسمي لا يرتبط باسم أحد، وغير محسوب إلا على أفكاري ومعتقداتي الخاصة، أصابت أم أخطأت.
مقالاتي وتاريخي يشهدان بالتالي:
1. كنتُ ضد نظام مبارك وانتقدته كثيرًا هو وحبيب العادلي وأحمد عز وغيرهم، وهم في عز سلطانهم، في مقالات ولقاءات تليفزيونية عديدة قبل الثورة. أرشيفي الكتابي والتليفزيوني موجود ومتاح للجميع.
2: كنتُ ومازلت ضد المجلس العسكري منذ انكشفت سَوءتُه. وساجلته في مقالات قديمة عديدة، وقلتُ على الهواء في القناة الثانية المصرية: "المجلس العسكري قاتل". وأرفض الآن أن يخرج خروجًا آمنًا بعدما قتل الثوار ودهس الأقباط وعرّى المنقبات.
3: قضيتي المشغولةُ بها في مجمل مقالاتي وقصائدي وكتبي ومنذ سنوات عديدة، هي العدالة وحق المواطنة للجميع. وعقيدتي كمسلمة تأمرني بالعدل والقسط بين الناس. ومن ثَمّ، فحين أسعى للجمال والحق والعدل، أكون مُطبّقةً لجوهر الإسلام عكس ما يفعل غيري بظلم الناس وإرهابهم بمنطق الأكثرية، وهم يظنون أنهم يُحسنون صنعا.
4: خلافي مع الإخوان جوهريٌّ وقديم ويسبق ثورة يناير بكثير. ولي لقاء تليفزيوني مع نادين البدير عام 2009 تكلمت فيه عن تخوفي على مصر حال صعود الإخوان. لأنني أخشى على هوية مصر من الذوبان في هوية الجماعة، وأرتعب على أطفال مصر من "أخونة" التعليم، وهو ما يجرى فعله الآن، بكل أسف.
5: لم ألتق بالبابا شنودة طيلة حياتي، ولم أر وجهه إلا يوم جنازه في تابوته وهو في ذمة الله. وانتصاري لحقوق الأقباط ليس إلا إيمانًا مني بحقوقهم الأصيلة في بلد عاشوا فيه بهويتهم القبطية وعقيدتهم المسيحية قبل دخول الإسلام مصر بستة قرون كاملة. ومن ثم فلا يملك أحدٌ أن يزايد على حقوقهم المواطنية فيقول أنهم "شركاء" في الوطن! لأنهم أصحاب بلد أصلاء كمصريين يحملون "الجين" المصري الرفيع ومن حقهم الأصيل تقلّد أرفع المناصب بحكم مصريتهم. وكل مسلم راهن، له بالضرورة جدٌّ قديم كان مسيحيا قبل أن يعتنق الإسلام. أو جدٌّ عربيّ وفدَ مع حملة الصحابي عمرو بن العاص. ومن ثم فالاحترام المتبادل بين المسلم المصري والمسيحي المصري فرضُ عينٍ على الجميع من الطرفين، وحقٌّ أصيل وواجب حتمي. وكل ما أفعله في مقالاتي هو محاولة زرع الحبّ في قلوب جفّت من الحب بفعل شيوخ متطرفين، يعملون لصالح دول خليجية من صالحها تفتيت مصر. أولئك المشايخ يقتاتون من زرع الفتنة بين المصريين، لأن ليس لهم مصدر رزق غير هذه الموهبة البغيضة.
6: من نفس المنطلق أنتصرُ لحقوق المرأة الغائبة في مجتمعنا المصري الراهن. وهو ما لم نكن نعرفه قبل مُحاكاتنا المُغيَّبة للثقافة العربية التي تُضيّع حق المرأة. لأن المصريين كرّموا المرأة منذ آلاف السنين، ولم تُهدر حقوقها إلا بعدما ضربتنا رياح البترو-دولار الشرقية والأفكار الوهابية التي لا تشبهنا والتي لا يعرفها جوهر الإسلام المتحضر. ولهذا فأنا أحاول أن أذكّر أبناء بلدي والنشء الجديد بأمجاد مصر القديمة وحتى الخمسينيات من القرن الماضي لكيلا ينسوا فرادة عِرقهم النبيل.
7: ليست لي علاقة من أي نوع مع رجال أعمال مصريين أو غير مصريين. ولم ألتق برجل أعمال مصري واحد، وجهًا لوجه.
8. موافقتي المشاركة في ثورة 24 أغسطس السلمية، كانت بهدف رفض الإخوان والعسكر معًا. وقد أعلنتُ هذا أكثر من مرة. ولستُ مسؤولة عن أشخاص يتضامون مع الثورة ولهم حساباتٌ أخرى لا تشبه حساباتي. حساباتي الوحيدة هي الحفاظ على مدنية مصر وهُويتها العريقة ورفض أخونتها أو عسكرتها. لأنني أؤمن أن ثورة يناير الشريفة قد تم سرقتها والعبث بها، وعلى الثوار استردادها، كرامةً لمصر وتاريخها ومستقبلها، وكرامةً لدم الشهداء، وللعيون التي فُقِئت من أجل مصر. أرى أن ولاء الإخوان للجماعة لا لمصر ودليل ذلك استحواذهم على كل مفاصل الدولة بمنطق المُغالبة والاستئثار لا المشاركة. أرى بجلاء أن الثورة تخرج عن مسارها بشكل سافر. فمعتقلو الثورة مازالوا في السجون بينما أُخرجَ جهاديون أثاروا القلاقل والفتن والاقتتالات في مصر عقدًا كاملا في التسعينيات. أرى أن ثروات مصر تُستلَب علنًا لصالح تنظيم دولي يخص جماعة الإخوان. والمصريون مستنزفون في كارثة انقطاع الكهرباء بشكل لم يعد مقبولا، حتى باتت أحلامهم أن يعرفوا فقط متى تنقطع ومتى تعود! مصرُ للمصريين فقط، كما كل دولة لأبنائها. ولهذا كنت أحلم بأن يحكم مصرَ أحدُ شباب الثورة الوطنيين، وليس عضوا في جماعة كانت تداهن نظام مبارك حتى سقط، فانقضّت على جهد الثوار ودمائهم ليقفزوا فوق الكراسي السيادية.
9. تاريخي يشهد بأنني لم أُبدِّل موقفي يومًا منذ بدأت الكتابة قبل أكثر من عشر سنوات. سعيي الدائم- والوحيد- كشاعرة وكاتبة، هو ترسيخ قيم الجمال والحق والعدل بين المصريين. لم أداهن حاكمًا، لم أسع لمنصب، لم أُشترَ، ولن أُشترَى. حتى سجالي مع خصومي لا يخرج أبدًا عن إطار السجال المحترم الراقي، لأنني لا أعرف أن أزلّ بلساني أو بقلمي. قلمي النظيفُ سيظل نظيفًا لأنه شرفي. مُنطلقي الأوحد هو مصرُ، التي أحلم بها دولة مدنية ليبرالية نظيفة متحضرة رفيعة القدر، تحترم القانون وتحترم العلم والعلماء وتسعى لتأخذ مكانتها التي تليق باسمها العريق.
10. وفي الأخير، أربأ بكل مصري ذي عقل أن يصدّق الإخوان حين أطلقوا مصطلحي: "فلول" - "عدو الإسلام"، على كل من يعارضهم. الفلول هم من يداهنون الحاكم طمعًا في مغنم. وأنا كنتُ ضد مبارك حتى سقوطه، والآن أنا ضد الحاكم الجديد وجماعة الإخوان. كذلك مَن يحاول أن يُنقّي وجه الإسلام مما يلصقه به المتطرفون من تشوهات، ذاك هو المسلم الحق؟ فمن أين يمسُّ ثوبي هذان المصطلحان الساذجان؟!
تحياتي للجميع
فاطمة ناعوت

ليست هناك تعليقات: