الاثنين، 13 أغسطس 2012

طارق حجي يكتب عن الأسلاميين وأعتقادهم السياسي






الإسلاميون والمعاصرة ....
فاشهد لنا يا قلم
أننا لن ننمْ
أننا لن نقف بين " لا " و " نعم "
(أمل دنقل).
في اعتقادي ان ما سيحدد ما اذا كان الإسلام السياسي حركة دينية - ثيوقراطية ام حركة سياسية بالمعنى المعاصر للحركات السياسية هو موقف تيارات الاسلام السياسي من الانساق القيمية التي يتعارف المثقفون المعاصرون في المجتمعات المتقدمة على كونها أسس ثقافة التقدم والمعاصرة. لذلك فلا بد من عقد مقابلة بين عددٍ من هذه الانساق القيمية وطرائق تفكير وسلوك أعضاء تيارات الاسلام السياسي. وهذا ما سأحاوله في هذا المقال الذي يحاول مقاربة الاسلام السياسي لعدد من قيم المعاصرة وقيم التقدم.

مفهوم الدولة الحديث : يظل الإسلاميون غير قادرين على تفهم وقبول (بل والاعجاب ب) نظام الدولة الحديثة التي هي محصلة أو نتاج قرون من الكفاح السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي لمسيرة التقدم الانساني. فعندما كان النبي مريضاً (في أخريات أيامه) كلَّف الصحابي المقرب له أبا بكر الصديق بإمامة الصلاة نيابة عنه. وعندما توفى النبي بعدها بقليل ، إعتبر عدد كبير من المسلمين أن التكليف بإمامة الصلاة كان بمثابة إشارة من النبي أن أبا بكر هو المفضل لخلافته ، وهو ما حدث فعلاً بعد اشكالية ما يعرف باتفاق السقيفة (سقيفة بني ساعدة). ومنذ اليوم الأول ، كان أبو بكر هو "خليفة النبي". ويسيطر هذا النموذج التاريخي على تفكير الاسلاميين. ويظل هذا النموذج ( البسيط بساطة زمن التجربة) مهيمناً على تفكير معظم الاسلاميين. حيث يختلط "الدين" ب "السياسة" اختلاطاً كبيراً. وقد جاء بعد ذلك بعقود من حاول فلسفة هذه التجربة وتنظيرها في عدة كتب تعرف اليوم بكتب الاحكام السلطانية (مثل الأحكام السلطانية للماوردي). ورغم ان تفاصيل هذه الاحكام ماهي الا مرآة تعكس حالة ودرجة تطور العقل الانساني السياسي خلال الفترة من القرن السابع الميلادي وإبان القرون الخمسة التالية ، وهي تفاصيل بسيطة وفي كثير من الاحيان ساذجة وبدائية ، فان عقل أعضاء التيارات الإسلامية المعاصرة يظل معجباً بها كبديل متكامل لنظم الدولة الحديثة !.

التعددية : لاشك أن ثقافة المجتمعات الاكثر تقدماً ومناخها العقلي العام يقومان على أساس أن "التعددية" هي من أهم معالم الحياة الانسانية في طورها الاكثر تقدماً ، وانها من لزوميات التقدم الانساني . فلا تقدم لشعوب لا تؤمن بالتعددية وتقوم ثقافتها ومناخها العام على قبول نتائج التعددية. وكما كانت الماركسية تشكل وأداً للتعددية حيث كانت كل الانساق السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية تقوم على اقصاء كل ما ومن يخالف التوجهات الماركسية الاساس ، فان الاسلام السياسي لايمكن الا وان يؤدي لنفس الاقصاء ، حتى وان اعلن الاسلاميون ايمانهم بالتعددية . فالاسلامي تتسلط عليه فكرة ان الصواب معه بنسبة 100 % ... كيف لا ، وهو يدخل الله معه في سائر المجالات الدستورية والقانونية والسياسية والاقتصادية والثقافية والمعرفية ؟ ... بل وفي المجالات العلمية . فأين هو الاسلامي الذي يقبل (مثلاً) بنظرية التطور ؟

الغيرية : الغيرية ( أو قبول الآخر) هي ثمرة جدلية للتعددية . فاذا كانت الحياة ( عند المؤمن بالتعددية ) تقوم على تعددية واسعة في شتى مجالات الحياة والنظم والافكار والمبادئ ، فإن أول ما يمليه ذلك على الانسان المعاصر هو القبول بالآخر ( في شتى صور الآخر). والاسلامي الذي يؤمن بأن الله في جانبه وانه هو الأقرب للحقيقة في شتى المجالات حتى لو آمن بقبول الآخر ، فانه قبول نسبي متواضع (وأحيانا يكون قبولا ميكيافيليا)... فهو قد يقول لنا انه يؤمن بحقوق المرأة ، ولكنه سيعود ويقول لنا ان المرأة مؤهلة لشغل "معظم" وليس "كل" المواقع ! وسيقول لنا ( بالتأكيد ) ان المرأة ( وايضاً غير المسلم) لايمكن ان يصلا لرئاسة الدولة ! وهو سيقول (بلسانه) انه يؤمن بحرية العقيدة . ولكنه سيحدد للآخر ما يمكن أن يؤمن به ! فالاسلاميون في مصر (اليوم فى سنة 2012) يقولون ان من حق الانسان ان يكون مسلماً او يهودياً او مسيحياً ولكنه لا يحق له ان يكون بوذياً أو بهائياً ! كما انهم لا يمكن ان يوافقوا على ان حرية الاعتقاد تعني ان يترك المسلم الاسلام !

النسبية : من رحم الايمان بالتعددية يخرج الايمان بالغيرية ( قبول الآخر) . ومن رحم الاثنين تخرج "النسبية" . بمعنى أن تعم في ثقافة ومناخ المجتمع الأكثر تقدماً فكرة نسبية الآراء والاحكام والنظريات والتفسيرات. وقد يقول الاسلامي ( بلسانه) انه يؤمن بالنسبية ، ولكن الحوار معه حول المرأة وغير المسلم ونظرية التطور والآراء المخالفة وغيرها سيثبت دأئماً ان الاسلامي لا يمكن ان يؤمن (بشكل رحب) بالنسبية. فهو من سحب "المطلق" معه من دائرة الأمر الخاص لدائرة الشأن العام . لذلك ، فهو (دون غيره على وجه الأرض اليوم) الذي يؤمن بأن لديه (في أيدولوجيته) "حلولاً دائمة" غير قابلة للتغير لمشكلات هي بطبيعتها متغيّرة . فاذا قلن له أن تلك الحلول هي إبنة زمان ومكان محددين ، غضب ورفض هذا المنطق !... ومنذ أسابيع (أغسطس 2012) صرح المرشد العام للإخوان المسلمين السابق (مهدي عاكف) أن من لا يتفق مع توجهات الإخوان المسلمين هو "غبي و جاهل" ... وهى كلمات تعبر عن رؤية ورأي الإسلاميين فى أي فكر آخر.

حقوق الانسان : حقوق الإنسان ومنها حق المعتقد(الإعتقاد) وحق التعبير عن الآراء وغيرهما هى ثمار كفاح انساني مر بمراحل طويلة من الكفاح . ومشكلة الاسلامي مع حقوق الانسان هي انه لا يقبل إلاَّ أن يعرضها على ما يعتقد هو انه مراد الله ! فاذا قلنا له ان من حق الانسان أن يكون بوذياً أو بهائياً ، رفض ذلك وقال ان حق الانسان في هذا المجال محدود بالديانات الابراهيمية الثلاث. واذا قلنا له ان من حق المرأة أن تلبس ماتشاء ، رفض استناداً إلى ادبياته التى يرى انها (أيضاً) تعبر عن مراد الله ! واذا قلنا له أن من حق المسلم ان يصير يهودياً أو مسيحياً ، استعمل مرة اخرى ادبياته (المطلقة!) لرفض هذا الحق الانساني. وهكذا ، فان حقوق الانسان تكون لها عند الاسلامي "سقف" أو "سقوف" من تصوراته هو لمراد الله !
المرأة : المرأة والخوف منها والرغبة فيها وفي نفس الوقت الرغبة فى وضعها في قفص ومراقبتها على الدوام ، هي اهم معالم نظرة الاسلامي للمرأة. ولاشك ان الاسلامي يرى ان المرأة كائن اقل (ولو قليلاً !) من الرجل. بل انه يستعمل ما فرضته الطبيعة على المرأة لاثبات انها اقل من الناحية الدينية (فمجيء الدورة الشهرية للمرأة يجعل مقامها الديني عند الإسلامي أقل من مقام الرجل) . ومعظم الاسلاميين منشغلون (لحد الهوس الهستيري) بالمرأة. وخلاصة هوسهم ( شأنهم في ذلك شأن اليهود الحريديم) أنها فى إعتقادهم هى مصدر وسبب معظم الخطايا (!!) . والاسلامي (عادة) يرى ان هذا المصدر الخطير للخطايا يجب أن يُحاط بالقيود . ورغم ان مجتمعاً اسلامياً كالسعودية احاط المرأة بالقيود بشكل غير مسبوق ، فان هذا المجتمع كان ولايزال يشهد اكبر فوضى في العلاقات الجنسية . وبدلاً من أن يشتغل الاسلامي بتهذيب الرجل ( الذئب ) فان كل تركيزه هو على حبس "الضحية" في قفص الرقابة . أو كما أكرر دائما : فبدلا من صرف الذباب ، نضع العسل فى خزائن مغلقة ! وفي ظل هذه الذهنية لا يكون لحقوق المرأة إلا أكثر السقوف انخفاضاً. وليجرب اي انسان اي يقترح على اي اسلامي إعادة النظر في امور مثل الامور التالية : كون شهادة المرأة في المحاكم وغيرها بنصف شهادة الرجل (فسيدة حصلت على جائزتي نوبل فى العلوم مثل مدام كوري شهادتها أمام محكمة سعودية بنصف شهادة رجل حصل على الشهادة الإبتدائية !!) ...وأيضا ، لا يوجد إسلامي مستعد لإعادة النظر فى كون نصيب المرأة في الميراث نصف نصيب الرجل .... أو أن يقبل أن المرأة مؤهلة لشغل منصب رئيس الدولة ... أو أن يوافق على قيام المرأة بوضع تشريعات الزواج والطلاق وحضانة الابناء والبنات ...إلخ.

سيادة القانون بمفهومها العصري : يظل الاسلامي شديد التمسك بأن الاحتكام لقواعد دستورية وقانونية وضعية (أي يضعها البشر)هو خطأ كبير . خطأ على المستوى الديني ، وخطأ على المستوى الاجتماعي ، اذ يعتقد الإسلامي إعتقادا راسخا أن البشر غير مؤهلين لصياغة نظام دستوري وقانوني يحكم الناس . ومنذ انتقلت مصر لنظام قانوني وضعي وعصري في سنة 1883 ، بقى الاسلاميون ينتقدون وجود نظام قانوني من وضع البشر . وعندما أصبحت كتابات سيد قطب ( 1906 -1966 ) هي أهم أدبيات الاسلام السياسي ( وكثير منها مأخوذ عن الاسلامي الهندي/الباكستاني أبو الاعلى مودودى الذى كانت كتاباته أحد أهم أسباب الحروب بين باكستان والهند) صارت فلسفة الاسلاميين بالنسبة للقوانين الوضعية هكذا : الله وحده يعرف نقص البشر وبالتالي كونهم غير مؤهلين ليصنعوا القواعد التي تحكم العلاقات بين الناس بشتى صورها، وهذا هو جوهر نظرية الحاكمية" التى يؤمن بها كل الإسلاميين ، وإن تفاتوا فى الفترة الزمنية التى يستغرقها تطبيق هذه النظرية . ومن أهم افرازات نظرية الحاكمية التي هي جوهر فكر الاسلاميين ان البشر لا ينبغى ان يضعوا القواعد التي تحكم العلاقات بين الناس ، بل ان على الناس الاحتكام لقواعد يقررها الله وليس الناس. وحتى الآن ، فلا يوجد قائد واحد لأية تيار من تيارات الاسلام السياسي يعيد النظر في فكرة الحاكمية التي قدمها سيد قطب في كتابه المعروف "معالم على الطريق" (والذى يعد إعادة إفراز لأفكار صاغها من قبله ابو الأعلي مودودي). وهكذا يظل الاسلامي في مشكلة دائمة مع كل القواعد الدستورية والقانونية الوضعية . وحتى لو جاء فقيه قانوني كبير مثل الدكتور السنهوري وقال انه (وهو واضع المدونة المدنية المصرية سنة 1984) لا يرى في كل قواعد ومواد هذه المدونة المستقاة من القانون المدني الفرنسي أية مجافاة لمبادئ الشريعة الاسلامية ، فإن هذا لا يعني اي شئ عند كل تيارات الاسلام السياسي . لذلك يظل الاسلامي مؤمناً أن رسالته السياسية الاولى هي تطبيق نظام قانوني كامل مستقي من الشريعة الاسلامية اي (في معتقده ) قوانين تعبر عن مراد الله.
العنف : لاشك أن قيادات معظم تيارات الإسلام السياسي ترفض وصف العمليات الإنتحارية التى يقوم بها كثير من الإسلاميين ضد أفراد غير عسكريين بأنها عمليات إرهابية. ولاشك أن معظم هذه القيادات لم تعتبر شخصا مثل أسامة بن لادن إرهابيا. بل أن معظمهم كان ولايزال ينظر لأسامة بن لادن بفيض من الإعجاب والتقدير. وعندما سئل إسلامي كان مرشحا لمنصب رئيس جمهورية مصر منذ شهور قليلة (وهو عبدالمنعم أبو الفتوح) هل يعتبر أسامة بن لادن إرهابيا أم لا ؟ أجاب بأن "أمريكا هى الإرهابية". والحقيقة أن الإسلامي لا يمكن أن يدين "العنف" ضد المدنيين بكل أشكاله وألوانه. ولا أدل على ذلك من فشل البشرية المعاصرة فى الإتفاق على تعريف مقبول من الجميع للإرهاب. ويجمع الإسلاميون على أنه من حقهم (بل ومن واجبهم) أن يتهربوا من الإتفاق على تعريف للإرهاب قبل تمكنهم التام من السلطة. ويزعم كاتب هذه السطور أن ما لا يقل عن نصف أبناء وبنات مجتمعات مثل المجتمع السعودي والباكستاني واليمني سيرفضون وصف إنسان مثل أسامة بن لادن بالارهابي.
التكوين المعرفي المتوازن : كنت ولا أزال أؤمن أن كل المتعصبين على سطح الكرة الأرضية هم ليسوا أصحاب تكوين معرفي متوازن. فاليهودي الحريديم والمسلم الأصولي لم تدخل فىالتكوين العقلي لأي منهم (بشكل متوازن) ثمار الإبداع الإنساني المتنوعة وفى سائر أو معظم مجالات الإبداع العقلي والثقافي. وبشكل آخر ، فإن من دخلت فى تكوينه العقلي (بنسب معقولة) ثمار الإبداع الإنساني التى أفرزتها الحضارة اليونانية القديمة والحضارة الرومانية ثم ثمار عصر النهضة وما بعد الثورة الصناعية والثورة الفرنسية وأهم ثمار الإبداع الإنساني خلال القرون الثلاثة الأخيرة وهما أغني قرون التاريخ الإنساني ، لا يمكن أن يكون أصوليا أو متعصبا. لقد كنت محظوظا إذ أتاحت لي الظروف أن أعرف عن قرب ماذا يقرأ (عادة) كل من اليهودي الحرديم والمسلم السلفي والمسلمين المتشددين من أتباع الفقه الحنبلي والمعجبين بفتاوي فقاء أو دعاة حنابلة مثل إبن تيمية وإبن القيم ومحمد عبدالوهاب ، ومن بينهم جل رجال الدين فى السعودية ومصر وسائر البلدان الإسلامية السنية ... وعرفت عن قرب أن السواد الأعظم من هؤلاء لم ولا يقرأ إلا أدبيات مذهبه . بل وأضيف أنني سمعت من عشرات كبار رجال الدين فى السعودية تحذيراتهم من قراءة ما أسميه أنا ثمار الإبداع الإنساني من هوميروس الى دانتي ، ومن شكسبير وراسين الى فولتير وجان جاك روسو وديدرو ، ومن ديكارت لكانط ، ومن فيكتور هوجو لألبير كامو .... وأعرف يقينا موقف هؤلاء الرافض للموسيقي السيمفونية والفنون التشكيلية وفنون المسرح. ولعل هذه الطرفة تعبر عن المأساة التى أكتب عنها هنا : فى شهر أغسطس 2012 عاد رواد فضاء صينيون لقاعدة إنطلاقهم ونشرت صورة لرائدة فضاء صينية وهى تغادر سفينة الفضاء ويساعدها زميل لها ... وقد نشر موقع سلفي على شبكة الإنتيرنيت الصورة مع تعليق لم يتطرق لأوجه الروعة المختلفة التى تمثلها الصورة ، ولكن التعليق إنصب على الدعارة التى تمثلها صورة رائدة الفضاء وزميل لها يمسك بذراعها ليساعدها على مغادرة سفينة الفضاء ! ومنذ سنوات قليلة إشتعلت حريق فى مدرسة بنات فى السعودية ، وحاولت طالبات عديدات مغادرة المدرسة التى تحترق ، فأعادهم رجال الحريق للمدرسة ليمتن محترقات لأنهن كن غير محجبات أثناء محاولتهن الفرار من الدرسة المحترقة.
الإنسانية : تقوم أدبيات ثقافة وفكر الإسلاميين على أساس تقسيم العالم (والبشرية) لعالمين ، الأول يسمي بدار الإسلام ، والثاني يسمي بدار الحرب . ويبقي هذا التقسيم مهيمنا على ذهنية الإسلاميين التى يصعب عليهم فى ظل سطوة هذه الأدبيات تفهم وهضم وإستيعاب وقبول مفهوم الإنسانية المعاصر وما وصلت اليه الإنسانية من إزالة للسدود والحدود بين الثقافات والمجتمعات. ولا شك عندي أن الإسلاميين ينظرون للآخر (الذى هو من دار الحرب) كعدو بشكل أو آخر ، عدو ينسبون له دائما أنه السبب فى كل مشكلاتهم بدءا من الإستعمار وحتى كل مشاكل اللحظة الراهنة. منذ سنتين أصدر القيادي الإخواني المعروف عبدالمنعم أبو الفتوح (والذى خاض إنتخابات الرئاسة فى مصر فى شهر مايو 2012) كتابا قال فيه أن كل مشكلات المجتمعات الإسلامية المعاصرة تسبب فيها الإستعمار . ولم يقل لنا السيد أبو الفتوح لماذا قام الأوروبيون يإستعمارنا ولم نقم نحن بإستعمار الأوروبيين !!؟؟ كما لم يقل لنا السيد ابوالفتوح لماذا كانت معظم أنحاء الجزيرة العربية فى غاية التخلف منذ مائة سنة رغم أنها لم تكن مستعمرة !!؟؟

التقية : التقية مفهوم شيعي تسرب للممارسات السياسية لجماعات الإسلام السياسي المعاصرة سواء كانت شيعية أو سنية. ومفهوم "التقية" يعني أنه طالما كان الإسلاميون هم (على أرض الواقع) الطرف الأقل قوة ، فإنه يحق لهم أن يصرحوا بخلاف أو بنقيض ما يبطنون. وقد ظهر هذا بوضوح فى تصرفات الإخوان المسلمين فى مصر منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. فقد جاءت مواقفهم (مرارا) على نقيض ما كانوا قد سبق (منذ شهور قليلة) أن أعلنوه. وتبدو خطورة "التقية" عندما يصرح الإسلاميون فى إجتمعاتهم مع مسئولين من ثقافات تحتقر الكذب بأشياء مثل تخليهم عن العنف وإحترامهم لحقوق المرأة وإحترامهم لغير المسلمين. فكل هذه التصريحات (المناقضة لما فى عقولهم من أفكار ونوايا) مسموح لهم (دينيا) بالإدلاء بها طالما أنهم لم يبلغوا مرحلة التمكن الكلي بعد. ولاشك عندي أن نيقولا ميكيافيللي نفسه لو سمع عن مفهوم "التقية" عند بعض المسلمين لصفق لهم وأعتبرهم أكثر ميكافيلية منه شخصيا.
وبإختصار ، فإنني بعد أربعين سنة من متابعة الإسلام السياسي ودراسة أدبياته والكتابة عنه (بما فى ذلك أطروحة جامعية عن نظام الحدود الإسلامي) فإنني لا أري إمكانية حدوث توافق بين الإسلام السياسي وقيم التقدم والمعاصرة. ولكنني فى ذات الوقت أؤمن بأن الممارسة السياسية (فى ظل دستور وقوانين عصرية) "قد" تسمح بتطورات "قد" تجعل أحزاب الإسلام السياسي شبيهة بالأحزاب المسيحية فى أوروبا. ولكنني هنا أتحدث عن رحلة "محتملة" وليست مؤكدة ، وأتحدث عن "رحلة طويلة" لم نر حتى الآن أية إشارات ملموسة عن كونها قد بدأت !!

ليست هناك تعليقات: