الأحد، 29 أبريل 2012

منظومة الفساد المحلية المصرية

خلونا نتكلم بصراحة, نتكلم عن ما نعرفه كلنا كمصريين وربما أيضا مايعرفه العالم عنا, أنه الفساد الذي بدأ بعصر جمال عبدالناصر وأزدهر وقنن وأصبح عمود النظام ويشمل كل حركة أموال في مصر من شراء وبيع وتعاقدات وأستيراد وتصدير بل فاق ذلك بالتعيين في الوطائف والتدرج في الوظيفة بل أيضا في الخروج من الوظيفة للمعاش يعني ببساطة لم تسلم منه أي شخص بمصر, أنها أفة أصابت الجميع وتلازمت مع الجميع, بدأت في عصر ثورة جمال عبد الناصر أو قل أنقلاب العسكر إذا أردت الدقة, لأنها كانت أنقلاب عسكري وأيده الشعب, المهم أصبحت الرشوة أعلان جمهوري بعد أن نشرها جمال عبد الناصر في خطاب له على الشعب في معترض كلامه وهو يقول أنه يعرف أن عسكري المرور يقبض رشوة عشرة قروش من قائد السيارة لتجاوزه عن مخالفته في الركن في الممنوع, عندها أرتفعت الرشوة لربع جنيه مرة واحدة بنفس اليوم وأصبحت مطالبة علنية ووقحة بعد أن كانت عمل أجرامي ومخالف للقانون ويوقع طرفيه تحت طائلة القانون الذي يقضي بحبس الطرفين أو أحدهما بالحبس, بعد خطاب جمال أصبح هذا القانون الذي مازال ساريا للأن أصبح كعدمه وغير ملزم وغير مفعل, أصبح زينة ربما لزوم الوجاهة والتغني بأننا دولة والحقيقة أننا شوية حرامية كل فرد من الشعب يضع يده قسرا في جيب المواطن الأخر ليسرقه بعلمه وبرضاه, وعلى المسروق أن يعوض ما سرق منه برضاه بسرقة غيره من المواطنين, وأصبح من لا يتعامل مع جيوب الموظفين مظلوم حيث انه أصبح مسروق وليس في أستطاعته تعويض ماسرق منه وهو يرى نفسه يوقع أوراق تمكن زملاءه الأخرين الذين يجنون الملايين من تعاملاتهم مع جيوب المواطنين بينما هو لا ينوبه شئ, فأعترض أمثال هؤلاء وأمتنعوا عن الأمضاء بالتسويف أحيانا وبالتعنت أحيانا أخرى والكل يعلم ويحس عن السبب الحقيقي, وهو العدل في توزيع المسروقات, أقصد الرشاوي ولم تستمر هذه الخلافات كثيرا وأتفقت العصابة وقننت أوضاعها وتوغلت وتضاعفت مطالبتها للمتعاملين من الجمهور, ما أحدثكم عنه ليس عن مؤسسة واحدة ولا عن وحدة للخدمات المحلية بل هذا حدث ولا حرج في كل قطاعات الدولة وخدماتها مؤسساتها ومرافقها بل وشركاتها الحكومية الرشاوي فاقت كل الحدود وكل موظف بل وحتى عامل ينظر لهذه الرشوة, هذه الصورة أكتملت هكذا سريعا في نهاية عصر السادات لتصل إلى رئيس الوزراء عبدالعزيز حجازي والذي وقف في مجلس الشعب ليرد على صفقة الأتوبيسات المستوردة من أمريكا تبع المعونة الأمريكية ليكتشف الشعب أنها خردة مدهونة وملأت شوارع القاهرة بالدخان (وبالمناسبة ظهرت عبقرية المصري في أنه عمل تحويلة للشكمان لتكون بأعلى الأتوبيس والذي تبنته أمريكا وصناع الأتوبيسات بالعالم بعدها ليكون الشكمان بأعلى الأتوبيس عند تصنيعه), خرج رئيس الوزراء عبد العزيز حجازي أمام النواب المنتخبين بالتزوير والفساد ليتبجح ويقول " هو أنتم شحاتين وبتتأمروا كمان؟ دي معونة أمريكية هم يعطوننا اللي هم عاوزينه هنتشرط عليهم؟ ولم أجد أي رد هلى هذا الرد الظاهر للسذج بأنه مفحم, والحقيقة أن المعونة تكون رقم مبلغ من الأموال وعلى مصر أن تشتري ماتريده من المنتجات والشركات الأمريكية بمعرفة وأختيار الحكومة المصرية ولا تفرض أمريكا مع المعونة منتج معين أو شركة معينة, وكانت هذه دلالة واضحة على تورط النظام بأكمله في الفساد بمعرفة ومباركة الرئيس السادات نفسه الذي لم يلبث أن منع ذبح الحيوانات لمدة شهر ويغرم ويسجن من يخالف هذا القرار وقد أعلن هذا القرار السادات بنفسه للأمة وكأنه يعلن الحرب على الفقر والجهل بأتخاذ قرار ثوري يعيد للأمة منانتها الدولية لتقود العالم, ونكتشف بعدها أن هذا القرار وضع خصيصا لصالح تاجر معين ليبيع منتجاته المستوردة والفاسدة والغير صالحة للأستخدام البشري ولا حتى للأستخدام الحيواني, وقد أشير لهذا العمل في مسلسل تليقزيوني بأسم محمود المصري بطولة محمود عبدالعزيزوالمؤسف حقا أنه أنه من يومها أصبح الفساد هو الأصل والهدف والغاية أما المرتب والوظيفة فكانت وسيلة وليست غاية وجاء العصر الذهبي للفساد, وأمبراطور الفساد, الذي وضع للفساد قوانين دولة, فأصدر قرار جمهوري لتسهيل الأستثمار في مصر بأن لا تعرض على رئيس الجمهورية المشروعات التي تقل قيمتها عن خمسين مليون جنية وتعرض على رئيس الوزراء الذي لا تعرض عليه المشروعات الأستثمارية التي تقل عن خمسة مليون جنية وتعرض على وزير الأستثمار ولا تعرض على الوزير المشروعات التي تقل عن مليون جنية وتعرض على رئيس الحي, ومن هذا القرار الذي عنوانه تسهيل الأستثمار وحقيقته توزيع الأدوار وأرضاء أفراد العصابة وكل واحد حسب مركزه ياخد نصيبه من الكعكة, اين مصلحة الدولة في عرض المشاريع أساسا على رئيس الدولة أو غيره؟ ولماذا تعرض أساسا؟ أعطيني سببا واحدا, ربما يقول شخص هذا أمن قومي وعندها أقول له, هل الأمن القومي في مقدار الأستثمار ام في نوع الأستثمار؟ يعني أفهم أن يكون القرار تعرض على رئيس الجمهورية المشاريع التي ترغب في تصنيع الأسلحة كمثال, ليحدد إذا كانت مراقبة ويحدد المشترين ليرفض من المشترين حسب الأمن القومي للبلد, ولكن ما أم الرئيس ومال المبلغ المستثمر؟, ده بيفكرني بفيلم الطوق والأسورة ذهب المستثمر للقرية لينشئ بابور طحين,فأنشئ المشروع بدون أن يخبر العمدة ووقف العمدة ضده وفشل المشروع بعد أن أشاع بالبلد ان الماكينة لازم تتظفر بدم أول واحد يروح يطحن فأمتنعن نساء القرية من الذهاب للطحن هناك وكن يذهبن لقرية أخرى بعيدة ولا يذهبن عنده, فذهب للعمدة يعاتبه, فقال له هي بلد من غيرعمدة أزاي يروح يعمل مشروعه في بلده بدون أذنه؟ 
لم يقتصر الفساد على هذا, بل تعداه بتخطيط وأصرار رئيسها على منهج الفساد وخطط لولديه وزوجته على السيطرة على رؤوس الأموال بالبلد فنجد الأبن الأكبر بالخارج يدرس ويعمل بالبنوك الأجنبية ليشتري ديون مصر بأقل من نصف قيمتها لتدفعها له البلد كاملة وفورا وبحسب قيمتها بينما الأبن الأكبر علاء يفرض نفسه شريكا بالنصف بدون أن يدفع أموالا, بل يدخل بمركزه وحمايته وتعضيده وحلم الغنائم التي ستحققها الشركة في وجوده بينما رفضه سيحقق الخراب والأضطهاد والحرب ضد  الشركة مما يؤدي لخسارتها كما حدث مع الشركة المنتجة للسيارة ستروين الفرنسية والتي رفضت شراكة علاء وكانت تجمع أيصالات حجز بعشرة ألاف جنيه للسيارة بينما هي في مرحلة بناء المصنع كيفما فعلت جميع الشركات المماثلة, وبناء عن رفض شراكة علاء نزل المدعي الأشتراكي ليفرض وصايته على المشروع وأوقفه ليخرب بيوت أصحابه لجرأتهم على رفض علاء, حتى بعد أن أعادوا أموال الحاجزين مع أستمرارسريان حجزهم كما كان بدون دفعهم مليم, حاربوا أنتاجه وتسويقه وأعلاناته التي رفضتها معظم شركات الأعلانات, وبينما السيارة ستروين تأخذ المكانة الأولى في فرنسا ويركبها الرئيس في جولاته الرسمية نجدها في مصر لا تأخذ مكانتها المفروضه, حتى الجمعيات الخيرية والتبرعات لم تسلم من زوجة مبارك سوزان, فنجد الأسرة الحكمة المكونة من أربعة تمسك زوايا أقتصاد البلد, حيث علاء يسيطر على الصناعة وجمال على الأقتصاد والبنوك وتصفية التأميم والمعروفة ببيع القطاع العام وزوجة مبارك تسيطر على التبرعات والجمعيات والمساعدات الخارجية, بينما مبارك نفسه فهو السوط الذي يكهرب أي من المعارضين لهذا التكتيك الجهنمي من الفساد, وهناك قصة متداولة ومعروفة عند الشعب ومفادها ان علاء طمع في شراكة وجيه أباظة في توكيله لسيارة بيجو مثله مثل باقي كبار شركات الدولة وأنه لا يميزه أنه من رجال الثورة ومقامه من مقام والده وربما أعلى منه حسب السن, فذهب لمبارك يشتكي له أبنه والذي فاجئه بمعرفته الموضوع وصارحه أن يعامل علاء مثله مثل أبنه, ولم يتحمل الصدمة ومات فيها وهو يهذي لمن حوله على سرير المرض بفرنسا بهذه القصة
وصلت منظومة الفساد كل أطراف الدولة بل قل كل خلايا الدولة وكل فرد في الدولة, فعند أستقبال الدنيا بالمولود المصري يستقبله الفساد ويرحب به ويطالبه بالبدء في أستخدام الفساد بدء من تحرير شهادة الميلاد ونهاية بتحرير شهادة وفاته مرورا بتعليمه  ودخوله المدرسة وتحصيله الدرس ومرضه وتوظيفه وجوازه, بل  وطعامه, وأيضا مرورا بكل يوم يعيشه تجده يتنفس فساد ويأكل فساد, هذه ليست مبالغة ولكنها حقيقة, دفعتني للهروب من هذه القنبلة قبل أن تنفجر, ربما أنا عجوز ولكني أردت الهروب بأبنائي من هذه البلد القنبلة ليعيشوا الهواء النقي بعيدا عن الفساد, وخوفي الأن أني أرى العالم يأخذ من مصر الكثير وأخشى أن ينقل عنها هذا الفساد لتصبح منظومة عالمية بدل أنها كانت منظومة مصرية محلية خالصة
الأن قامت الثورة, هل أنتهى الفساد؟ لا ولن ينتهي, على الأقل الأن, ربما في الثورة القادمة وكل ثورة وأنتم بخير

ليست هناك تعليقات: