الأحد، 1 أبريل 2012

هتبقى قفلت



بقلم‮:‬ياســــر رزق‮ ‬

ماذا لو صدر الحكم ببطلان البرلمان؟‮!‬


بمصطلحات لعبة‮ »‬الدومينو‮« ‬تبدو العملية السياسية‮ »‬قفلت‮« ‬أو هي في طريقها لأن‮ »‬تقفل‮« ‬قبل اكتمال‮ »‬الدور‮«‬،‮ ‬ومازالت في أيدي اللاعبين قطع لم تجد حظها إلي الارتصاص في مواضعها‮!‬

القطعة التي قد تغلق طرفي اللعبة علي أوراق اللاعبين في العملية السياسية الجارية،‮ ‬هي الحكم المنتظر للمحكمة الدستورية العليا بشأن دستورية انتخابات مجلسي الشعب والشوري،‮ ‬والمتوقع أن يفضي ـ كما يتوقع فقهاء القانون ـ إلي بطلان البرلمان بمجلسيه‮.‬

حينئذ لن يكون هناك مفر من الرجوع إلي المربع الأول في العملية السياسية،‮ ‬وإعادة مرحلة الانتقال من حيث كان يجب أن تبدأ‮!‬

من ثم سنكون أشبه بمن ظل يعدو طوال ‮٨١ ‬شهراً‮ ‬علي سير متحرك،‮ ‬فلم يبرح مكانه،‮ ‬لأنه كان يجري علي‮ ‬غير طريق‮!‬

السبب في هذه الأزمة التي تلوح في الأفق كالقدر المحتوم،‮ ‬أننا أقمنا بناءً‮ ‬سياسياً‮ ‬علي‮ ‬غير أساسات،‮ ‬وقلبنا ناموس الأشياء،‮ ‬فاستولدنا الابن وهو البرلمان قبل الأب وهو الدستور،‮ ‬وتركنا للابن مهمة إنشاء الأب وتشكيل هيئته وملامحه علي صورته‮!‬


في الحادي عشر من ابريل المقبل،‮ ‬سوف تفتح هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية ملف الطعن علي دستورية انتخاب البرلمان،‮ ‬لتنظر فيه وتخلص إلي رأيها،‮ ‬ثم تحيله إلي هيئة المحكمة بأعضائها البالغ‮ ‬عددهم واحداً‮ ‬وعشرين قاضياً،‮ ‬لتصدر حكمها استرشاداً‮ ‬برأي المفوضين،‮ ‬أو اهتداءً‮ ‬بما ينتهي إليه قرار أغلبية الأعضاء‮.‬

الطعن ينصب علي أن التعديلات التي أُدخلت علي قانوني انتخابات مجلسي الشعب والشوري سمح للأحزاب بتقديم مرشحين لها علي المقاعد الفردية التي كانت مخصصة للمستقلين دون‮ ‬غيرهم،‮ ‬وفي ذات الوقت حرمت المستقلين من الترشيح بقوائم مخصصة لهم،‮ ‬علي مقاعد القوائم التي خصصت للأحزاب دون سواها‮.‬


هناك سيناريوهات في هذا الشأن،‮ ‬إذا كان الحكم ـ وفقا لتقديرات فقهاء الدستور ـ هو قبول الطعن‮.‬

‮ ‬الأول أن يصدر الحكم في مطلع العام القضائي المقبل الذي يبدأ في شهر أكتوبر،‮ ‬وفي هذه الحالة سيقتصر الأمر علي إعادة اجراء انتخابات البرلمان،‮ ‬وفقا للدستور الجديد بعد اصلاح العوار في مواد القانون‮ ‬غير الدستورية‮.‬

لكن يظل الدستور نفسه موضع شبهة عدم مشروعية،‮ ‬لأن الذين صاغوه،‮ ‬نصفهم اختارهم برلمان باطل،‮ ‬ونصفهم أعضاء في البرلمان الباطل‮!‬

بل قد يقدح الحكم في مشروعية ترشيح الرئيس المنتخب إذا كان ترشيحه تم بموجب توكيلات من ثلاثين عضواً‮ ‬أو أكثر من أعضاء البرلمان المحكوم ببطلانه،‮ ‬أو كان الترشيح قد تم بمقتضي تأييد حزب له عضو أو أكثر في هذا البرلمان‮!‬

وفي كل الأحوال‮.. ‬سيكون اجراء انتخابات برلمانية بعد انتهاء فترة الانتقال عبئاً‮ ‬أمنياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬يصعب علي مؤسسات الدولة وأجهزتها تحمله،‮ ‬في ظل أن الشرطة وحدها لن تقدر علي تأمين لجان الانتخاب واجواء معركة انتخابية ملتهبة‮. ‬مما قد يستدعي الاستعانة بقوات الجيش من جديد بعد انصرافها إلي مهامها الأصلية،‮ ‬وهو أمر لا يبدو سهلاً‮ ‬ولا يجب النظر إليه علي أنه في متناول اليد في أي وقت‮!‬


‮ ‬السيناريو الثاني أن يصدر الحكم بالبطلان قبل مرحلة الانتقال‮.. ‬قبل حسم الانتخابات الرئاسية وقبل استفتاء الشعب علي الدستور الجديد‮.‬

حينئذ‮.. ‬سيكون كل البناء المؤسساتي الذي أُقيم علي‮ ‬غير أساسات،‮ ‬قد انهار تماماً‮ ‬مثلما تطيح أمواج الشطآن بقصور الرمال‮!‬

فسوف يترتب علي الحكم ببطلان انتخابات البرلمان،‮ ‬إبطال تشكيل الجمعية التأسيسية ومشروعها الدستوري،‮ ‬وكذلك بطلان ترشيح مرشحي الرئاسة الذين اعتمدوا في توكيلاتهم علي أعضاء البرلمان أو الأحزاب ولم يدعموا ترشيحهم بتوكيلات شعبية من ‮٠٣ ‬ألف مواطن علي الأقل‮.‬

وهو أمر قد يقتضي وقف اجراء انتخابات الرئاسة،‮ ‬وإعادة فتح باب الترشيح من جديد،‮ ‬لتمكين هؤلاء المرشحين المشار إليهم من الحصول علي توكيلات جماهيرية،‮ ‬أو ربما ارجاء عملية الانتخابات الرئاسية لحين إجراء انتخابات برلمانية جديدة‮.‬

بالتالي‮.. ‬سيكون لزاماً‮ ‬إعادة ترتيب أوراق العملية السياسية برمتها من جديد،‮ ‬من حيث كان يجب أن تكون،‮ ‬ابتداء بوضع الدستور،‮ ‬ثم اجراء الانتخابات البرلمانية،‮ ‬ثم الانتخابات الرئاسية‮.‬

أي الرجوع بمرحلة الانتقال إلي نقطة البداية‮.‬

وهنا يجب الاجابة علي هذه الاسئلة‮:‬

‮ ‬هل سيتاح من الناحية القانونية اجراء انتخابات الرئاسة بين المرشحين الذين حصلوا علي التوكيلات الشعبية بعد استبعاد الآخرين؟‮!‬

‮ ‬إذا كان ذلك متاحاً‮.. ‬هل يستطيع الرئيس المنتخب أن يدير بمفرده عملية انتقالية في‮ ‬غيبة مؤسسة تشريعية وفي‮ ‬غيبة أدوات حكم تمكنه من انتخاب أو اختيار جمعية تأسيسية تضع الدستور،‮ ‬ثم إجراء انتخابات برلمانية؟‮!‬

‮ ‬هل ستضطر القوات المسلحة إلي مد فترة الانتقال واستمرار البقاء في السلطة،‮ ‬أم أنها ستنقل السلطة إلي مجلس رئاسي مؤقت يتولي إدارة البلاد،‮ ‬لحين الانتهاء من استحقاقات الدستور والبرلمان والرئيس الجديد؟‮!‬


تلك الاسئلة وغيرها يتعين الاجابة عليها من الآن،‮ ‬ووضع سيناريوهات للتعامل مع الحكم المنتظر للمحكمة الدستورية إذا صدر ببطلان انتخابات البرلمان كلها،‮ ‬أو ببطلان الانتخاب علي المقاعد الفردية وحدها،‮ ‬سواء حدث ذلك بعد انتهاء مرحلة الانتقال أو قبلها‮.‬

ولا خاب من استشار،‮ ‬إذا أحسن اختيار المستشارين‮.‬


ليست هناك تعليقات: