الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

الأقباط والأختيار الصعب

ألاقباط والاختيار الصعب ؟!!
رسالة هامة لكل قبطى ، قد تؤيدها وقد ترفضها ، ولكن أقرأها .
أعتذار مسبق عن ألاطالة

طلب منى بعض ألاصدقاء الأعزاء ، أن أكتب رأياً فى مواجهة الازمة الراهنة والموقف الصعب الذى يجتازه الاقباط ، حيث يقف كثير من المسيحيين اليوم موقف الحيرة والتسائل .. فبعد مذبحة ماسبيرو الاخيرة ، أنفجر بركان الغضب لأقباط المهجر بينما يتجرع أقباط الداخل مرارة الحزن والاحساس بالمهانة ، وطالما طالب كثير من أقباط الداخل تدخل أخوتهم أقباط المهجر ومشاركتهم العمل على مساعدتهم فى حصولهم على حقوقهم المهدرة ، ومع زيادة المظالم على المسيحيين داخل مصر فى العقود الاخيرة ، أرتفعت أصوات منذ فترة من مسيحيين الداخل تطالب بما أسموه الحماية الدولية ، والاصح تدويل القضية لتصير جزء من الأهتمام الدولى من حيث قضايا حقوق الانسان ، ومع أستمرار الموقف السياسى المتخاذل للقيادة والادارة ، ولبشاعة الموقف وتوافر وفرة من الادلة ، أستمسك أقباط المهجر ولاسيما المعنيين بالمجال الحقوقى والذين لهم ثقل سياسى بالحجة القوية المتاحة لتدويل القضية بشكل أيجابى مؤثر . وفعلاً وبأخلاص شديد كان التحرك والمظاهرات القوية وألاتصالات فى كثير من العواصم العالمية البارزة والتى لها القدرة على التدخل الجاد ، وفى الحقيقة ظهر بوادر تجاوب من جهات سياسية كما طالعتنا بعض المواقع الاخبارية الالكترونية . ومن هنا بدأت تظهر بوادر أزمة وحالة من الحيرة بين العامة من مسيحيين الداخل ؟! كما تم طرح العديد من التساؤلات بين المسيحيين مثل ؟ .

· هل التصعيد الدولى بالمطالبة بلجنة تحقيق دولية وبطرح مطالب الاقباط ومشاكلهم على المجتمع الدولى ، بعدما واجهوا ما واجهه من تجاهل وتعالى وقمع بالداخل يعد خيانة للوطن ؟!!
· هل تلميحات الكنيسة برفض الاستمرار بالتصعيد الدولى سببة قناعة داخلية كنوع من الاستمرار فى الروحانية المغالى فيها ؟ أم سببه ضغوط ما تمارس عليها ؟ أو بسبب مخاوف من تصاعد العنف ضد المسيحيين بالداخل ؟ أو نتيجة لصفقة من الوعود تعتبر تحقيق لبعض المكاسب ؟
· وما هو الموقف الكتابى الصحيح أزاء هذا السلوك ؟
· وهل طلب المساعدة الدولية يعد تعدى على ثوابت ألايمان من جهة الأتكال على الرب وأنتظار مشيئته ؟

عزيزى القارىء .. ارجوك وأنت تقرأ أجاباتى على هذة الاسئلة المطروحة ، لا تعتبر أجابتى هى الجواب الشافى الكافى النهائى ، ولكنى سوف أجتهد بحسب ما يُملية على ضميرى ، من واقع ما أحملة من مسؤلية كعضو فى جسد المسيح بمصر ، ومن خلال ما لدى من فهم وعلم روحى متواضع بأعتبارى واحد من معلمين كلمة الله .

والان نأتى لأجابة السؤال الاول ، إن اهتمام المسيحيين بطرح مثل هذا السؤال فى هذه الظروف البغيضة ، أنما هو تأكيد على أعتزازهم بمصريتهم وحرصهم على وطنهم بأعتبارهم السلالة النقية للسكان الاصليين ، كما أنة يدل أيضاً على أنهم لا يتصرفون باندفاع أنفعالى أهوج تحت تأثير الغضب . فى الحقيقة لايزال نزيف الدم مستمر فبعد مذبحة ماسبيرو كان مقتل طالب مدينة ملوى بسبب علامة الصليب ثم مقتل قبطى أخر على يد مسلمين على خلفية رفضة دفع الاتاوة المطلوبة منه بمدينة أبو قرقاص وكلاهما بمحافظة المنيا ، أى أن المسيحيين أصبحوا مستهدفين بالقتل فى طول البلاد وعرضها . وبعيداً عن حلو الكلام والتحفظ المقزز ، إن قمنا بعملية حصر لحجم وكم الاعتداءات التى قتل واصيب فيها مسيحيين بالأضافة لهدم وحرق الكنائس والمنازل وأهانة معتقداتهم وتدنيسها وسب رموزهم والخطاب الدينى الدائم بالتهديد ، فقط من أول حادث كنيسة القديسين حتى اليوم ، لتوصلنا لنتيجة أنه عمل ممنهج بغرض التصفية والإبادة والضغط للألتجاء للهجرة القصرية ، وما ذكرناه هو جزء من ممارسات الاضطهاد وإن استرسلنا فى السرد فهناك المذيد ، كل هذا يؤكد بكل وضوح أن الالتجاء للشرعية الدولية لا ليس خيانة للوطن ، فما هوالوطن إلا الاحساس بالامان وممارسة حقوق المواطنه بحسب تعريفها الدولى ، فعندما تفشل أدارة النظام فى تحقيق المواطنة وتتجاوز الخطوط الحمراء فى تحقيق العدالة ، وعندما تنحاز السلطة لمعتقدها الدينى وتقوم بتفصيل دساتيرها وقوانينها لأنتهاك حقوق الاقليات ، يكون الالتجاء للقانون الدولى والمواثيق الدولية للخلاص من الظلم والنجاة من اللإبادة عملاً مشروعاً ، بل الخنوع والاستسلام هو العمل غير المشروع ، وهو الخيانة للذات وللوطن . إن محاولات أستعادة المسلوب بالطرق الشرعية لا يمكن أن يكون خيانة للوطن ، وعلى كل الاحوال سواء فعل المسيحيون هذا الاجراء أو لم يفعلوه ، فهم غير مستأمنين على الوطن ، فهم مستبعدون من كافة المناصب العليا والوظائف الحساسة ، وعلى سبيل المثال يدير البلاد الان 19 قائد عسكرى ليس بينهم مسيحى واحد؟! والامثلة كثيرة . والعجيب أننا لم نسمع عن مسيحى تم ضبطه بتهمة التجسس على البلد ، إلا أنه لا يستأمن على الامن الوطنى حتى وإن كان أميناً أو مخلصاً أو كفاء ، لأن ثقافة مصر تبنى على أساس التمييزالدينى !! .

فى الحقيقة ليس لدى المسيحيين ما يخسروه أكثر مما خسروه عبر العصور ، فبعدما كانوا أصحاب البلد صاروا هم الضيف الثقيل غير المرغوب فيه ، وبعدما كانوا الاكثرية أصبحوا الاقلية ، لقد أستنفذوا كل محاولات الود والصبر لأستئناس الاغلبية ومخاطبة ودهم ، وعلى ما يبدو أن العقد قد أفرط ، وأصبح أستقواء الاغلبية يفوق الاحتمال ، بل أصبح الامر مشوش ، فبينما يشعر المسيحيين بأنهم مظلمون وحقوقهم مهدرة ، نجد أن هناك قطاع كبير من المسلمين يرى أن المسيحيين متجبرين ومتبترين يمارسون الاستقواء ، وحيث أنة من الصعب أن يكون هناك قاضى محايد هنا ، فليس هناك خيار أخر غير الحياد الدولى .

والان ننتقل للأجابة على التساؤل الثانى ، وهو ما تناقله البعض ، أن الكنيسة لا تفضل هذا الخيار ، والاسئلة التى طرحتها فى هذا الشأن فى بداية المقال ، هى الحوار المُثار فى التجمعات المسيحية بين مؤيد لرأى الكنيسة معتبراً إياه أنة الرأى الحكيم ، وأخر معارض يرى أننا قد سرنا على هذا الدرب ، التعقل والحكمة ردح من الزمان فأى ثمار جنينا ؟!! . لماذا لا نكون اكثر صرامة ونستخدم حقناً فيما هو متاح من الوسائل الشرعية المشروعة ؟ ، وهنا يبدو لنا أن هناك أختلاف فى وجهة النظر !! ، نعم ولما لا ؟ لكن لا يجب أن يتحول إلى خلاف بيننا ، ومن المؤكد أنه لن يكون . فعلينا أن نتوقع ونتفهم ان قادة الكنيسه سوف يكونوا ملتزمين إلى أقصى درجة بثقافة التسامح المسيحية وبتطبيق تعاليم المسيح السامية ، وهذا يجب أن لا يتعارض مع الرأى الثانى ، والذى ينحاز الية فريق ليس قليل من عامة الشعب الفاهمين فى أمور الدنيا والمواد القانونية ، أننا نحتاج كلا الفريقين ، فلا غنى عن صلاة الكنيسة ومباركتها ليأتى النجاح ، كما نحتاج إلى سعى المختصين بالامور القانونية فيما يفقهون ، ومما لاشك فية أن الكنيسة تحت أى ضغوط لن تمارس أى نوع من الابتزاز العاطفى للتأثير على رغبة أبنائها ، وهى أولاً وأخيراً مؤسسة روحية لها كامل الاحترام والتقدير فى هذا الشأن ، وليست هيئة سياسية ، لذا فهى معفاة من أى حرج وغير مسؤلة عن تصرفات أبنائها فى المسائل السياسية.

وألان نأتى للسؤال الثالث ، والخاص بماذا يقول وحى الله من خلال الكتاب المقدس ؟ وهذا مهم ، حتى لا نفعل شىء يخالف مشيئة الرب . وبحسب فهمى الروحى كمتخصص فى دراسة العلوم اللاهوتية ، أجد أن هناك كثير من ثوابت العقيدة والاشارات الكتابية التى تؤيد الالتجاء للوسائل السلمية المشروعة للحصول على الحقوق المُغتصبه .
اولاً . من المُسلم به أن المسيحية تُدين الظلم والعنف ضد الاخر ، كما أنها وإن كانت تستر الخاطىء لكنها تفضح الخطية ، ومن هذه العقيدة يصبح من الضرورى عدم السكوت على فعل الاثم الجماعى ولابد من فضحة والعمل على إيقافه "ولا تشتركوا فى أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحرى وبخوها . لأن الامور الحادثة منهم سراً، ذكرها أيضا قبيح . ولكن الكل إذا توبخ يظهر بالنور "(أف11:5-13). ثانياً . إن شريعة العهد الجديد بمُقتضى أعلان رب المجد يسوع "أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله"(مت20:22)أنه أعلان بتحديد ألاختصاصات ويشمل، الفصل بين السلطات المدنية والامور الروحية والجهات المعنية بها ، كما أعُلن
أيضاً أن جميع نظم الادارة الدنيوية المختصة بألادارة الكونية هى بترتيب وبسماح من قبل الله (أنظر رمية1:13-7) ، كما جعل السلطات درجات ، فجعل فوق كل عالى عالياً (جامعة8:5) ، كما أقر النظام الدنيوى من جهة الحصول على الحقوق أن يكون بالتقاضى وبالشرطة (أى السلطات القضائية والتنفيذية) (أنظر قول السيد المسيح فى متى25:5-26) ، وعلية عندما جاءه نفر متجاوزاً هذا الترتيب الزمنى يسأله "قل لأخى أن يقاسمنى الميراث" أجابه رب المجد وهو الديان العادل فقال له : "يا إنسان من أقامنى عليكما قاضياً أو مقسماً؟"(لوقا14:12) !! أنظروا معى مدى ألاحترام للنظام وعدم الخلط فى الاختصاصات وأقرار الحق فى التقاضى ؟! .
ثالثاً . وعن عدم التفريط فى الحقوق ، يعلمنا رب المجد يسوع ، أنه بعدما تم القبض علية ، قام أحد أفراد الحراسه بلطمه فقال له : "إن كنت قد تكلمت ردياً فأشهد على الردى ، وإن حسناً فلماذا تضربنى"(يوحنا23:13) ، وكذلك معلمنا بولس الرسول عندما تم تقديمة للمحاكمة ، لم يتهاون فى حقة فقدم المرافعات كما صعد درجات التقاضى لأعلى درجة (أنظر أعمال الرسل26) .

وهنا نأتى لأجابة السؤال الاخير ، هل الالتجاء لهذه الوسائل العالمية والبشرية يعتبر ضعف فى الايمان من جهة ألاتكال على الرب ؟!! بالتأكيد لا . فمما تم ذكره نفهم أن أرادة الرب أن نجتهد ونعمل بكل ما هو متاح ومستطاع ، فهناك فرق بين الاتكال والتواكل ،فالثانية تعنى السلبية والتراخى والاستسلام ، أما الاولى فتعنى ما قاله وقام رجل الله نحاميا "إن إله السماء يعطينا النجاح ، ونحن عبيده نقوم ونبنى "(نح20:2) .وفى موضع أخر يقول "أعملوا فإنى معكم"( حجى4:2) ودائما وأبداً كان رب المجد يسوع المسيح يطالب الجموع القيام بدور وعمل ما كى يصنع المعجزة ، حدث هذا فى معجزة عرس قانا الجليل(يو1:2-11) ، وفى معجزة أشباع الجموع (مر30:6-43) ، وعند أقامة لعازر من الاموات (1:11-44) . فأتكال الايمان هو أن نعمل ما علينا أن نفعله ويكمل الرب ما لا نستطيع القيام به .

من كل هذا يتأكد لنا أن الايمان المسيحى يدين التخاذل والتفريط فى الحقوق ، وعدم الخوف من الذين يقتلون الجسد،لأنه ما إن بدأت ثمار التحرك الدولى فى الظهور بدأت لغة التهديد من بعض المسلمين ولاسيما الشيوخ والتوعد للمسيحيين بالويل والثبور وعظائم الامور ، وأبداً لايتسائل أحد لماذا لجأ الاقباط لهذا الخيار الصعب ؟!! أنه قمة التمادى قى القسوة والغطرسة !!!! . كما إن التحرك الذى قام به أقباط المهجر من الصعب التراجع فيه ، وعلى أقباط مصر مساندتهم بما هو مستطاع دون أى تخاذل فقد تحرك القطار .                                                                                                                         

ليست هناك تعليقات: