الجمعة، 29 أبريل 2011

حكومة شرف و- عدم اللا مؤاخذة - الحمار!!ه


بقلم أيمن عبد الرسول

يُحكى أن ملكًا لديه حمار عزيز عليه أراد أن يعلمه القراءة والكتابة فأرسل المنادي ينادي في الناس من لديه القدرة على تعليم الحمار وله المكافأة والعيش الرغيد.. ومن يتقدم بذلك ويفشل فليس له إلا القتل.. فخاف الناس وتقدم جحا لتحمل المسؤولية وتعليم الحمار وقبِل بشروط الملك إما أن يعلِّم الحمار وإما أن يقتل، غير أن جحا اشترط على الملك أن يعطيه فرصته في تعليم الحمار وطلب منه خمسين عامًا لذلك، فوافق الملك على شرط جحا فأخذ جحا الحمار ومعه الذهب والأموال والقصر،
وسرعان ما شد عليه العربة وعمل بالحمار في السوق لنقل حوائج الناس والملك يتفرج ولا يستطيع أن يفعل شيئًا لجحا.. فجحا أمامه عشرات السنوات للمحاسبة والناس يسألون جحا: ماذا ستفعل مع الملك وعقابه الشديد والحمار لم يبدأ في التعليم، فقال جحا ثلاثيته المشهورة: يا إما.. يا إما.. يا إما.. ماذا تقصد يا جحا؟ قال الناس، فرد جحا: يا إما يموت الملك.. يا إما يموت الحمار.. يا إما أموت أنا.. خلال تلك الفترة.



هذه الرواية تنطبق بنصها على أوضاع مصر الحالية، في ظل حكومة مؤقتة، تم اختيار رئيسها من جمهورية ميدان التحرير المستقلة، ليحكم مصر التي كانت مستقلة أيضًا، ويدير سياستها في هذه اللحظة الحرجة بمنطق عجيب ومثير للشفقة والدهشة معًا، ورغم مرور وقت قصير على تفعيل آليات الحكومة التي اختارها وصدق على وزرائها شعب ميدان التحرير الذي ليس هو كل مصر بالمناسبة، فلقد أقسم شرف اليمين في يوم الجمعة وأمام جموع المحتفلين بتوليه رئاسة الحكومة، ودافع عنه الثوار بأدلة عاطفية لا علمية ولا سياسية، وما فتئ يختار وزراء حكومته المؤقتة، والتي تدير شؤون البلاد لفترة انتقالية، وهو - شرف نفسه - كان أحد وزراء حكومة نظيف، وخرج من وزارة النقل والمواصلات عقب كارثة، إلا أن الثوار استوصوا به خيرًا واستخدموا نفس المنهج السلفي في الإيمان بمعجزات الدكتور شرف، وبعيدًا عن خطابه المتأسلم والممالئ لمشاعر الفريق الأكبر عددًا في ملعب الوطن الذي لا نعرف غده، وبعيدًا عن إدارته الفاشلة لأزمات حادة مرَّت بها أسابيع ولايته، وبعيدًا عن سياسة "العيش والملح" التي ينتهجها في حل قضايا الوطن الداخلية، ولا أعرف لماذا لم يذهب معالي رئيس الوزراء إلى قنا لحل أزمة المحافظ القبطي المرفوض من الجماهير المسلمة، ولماذا لم تصوِّره عدسات الإعلام المصري الذي لم يزل يطبِّل لكل من يصعد على مقعد الحكم أو الحكومة وهو يأكل بعد مشاهد الفول في وسط البلد، والثريد السيناوي، أم أن قنا ليست لها أكلة مميزة تغري بالتصوير؟

بصراحة لم أستطع منع نفسي من كتابة هذا المقال، ويبدو أننا سنظل في صف المعارضة مهما كلفنا الأمر من ممانعة الثوار، ومحترفي المزايدة في كل حين، المهم عندما قرأت هذه التصريحات للأخ الدكتور المهندس عصام شرف وهو يعدنا من السعودية بتحسُّن الأحوال، في ظل مقدمات غاية في الإحباط، فتعالوا معي نقرأ تصريحات رئيس الوزراء المصري، لدى زيارته للجالية المصرية بالمملكة العربية السعودية.

أكد الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، أن مستقبل مصر واعد جدًّا، مشيرًا إلى أن تنبؤات التقارير العالمية تشير إلى أن مصر إن لم تكن الأولى في سنة 2050 فإنها ستكون من الدول الأولى اقتصاديًّا بالعالم، وأنه في عام 2020 - 2030 ستكون من الـ15 دولة الأولى في العالم، وهو ما يؤكد أن مستقبل مصر مطمئن.

ولا تعليق!

وأشار الدكتور شرف، خلال لقائه أعضاء الجالية المصرية بالسعودية بدار سكن السفير المصري بالرياض محمود عوف، إلى أن ما يقلقه في الفترة الحرجة الحالية يتمثل في الذين شعروا أن مصالحهم بدأت في الانتهاء، مؤكدًا أن هذا الوقت نحتاج فيه جميعًا إلى تضافر كل الجهود، للخروج من الأزمة الراهنة، لافتًا إلى أن الفترة المطلوبة للخروج من الأزمة لا تتجاوز 6 أشهر أو سنة على أكثر تقدير(لديَّ سؤال للذين هاجوا وماجوا ضد الفريق أحمد شفيق: ألم يقل شفيق نفس الكلام؟! صحيح (حبيبك يبلع لك الزلط.. وعدوك يتمنى لك الغلط!).

وقال شرف: إن منهجه في الحل، قاله قبل عام (لا نعرف قاله لمن، وبأي صفة) ويكمن في أنه من خلال المصارحة ثم المصالحة، فالإصلاح يأتي بالصلاح (!!)، مشيرًا إلى أن أهم المشكلات التي تقابلها الحكومة الحالية، هو مدى الاحتياج إلى التصالح مع الشعب المصري، مشددًا على أن المشروع القومي المناسب لمصر حاليًا هو تكسير الفجوة الكبيرة جدًّا، التي لو لم تتضاءل فإن الإصلاح لن يظهر (هل نحل هذه الفجوة بالصلاح، والخطب الرنانة والتراجع عن قرارات الحكومة أمام التيار السلفي؟!).

وأكد شرف أن أولوية الحكومة حاليًا وهدفها الأول في الحقيقة يكمن في الفقراء، وسرعة تقديم الخدمات لهم بأقصى سرعة، وتقديم جودة حياة على درجة مقبولة، تتناسب مع كونهم مواطنين مصريين (لا تعليق).

وأكد رئيس الوزراء أن وضع مصر من الناحية السياسية مطمئن (أكيد يتحدث عن بلد آخر.. ربما جمهورية ميدان التحرير)، مشيرًا إلى أن مصر تحاول أن تصعد السلَّمة الأولى في دولة القانون، مشددًا على أنه لا أحد فوق القانون أيًّا من كان.

وأشار إلى أن الاستفتاء الذي حدث بغض النظر عن توقيته أو بغض النظر عن نتائجه أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الديمقراطية هي طريق لا رجوع عنه.

وبالنسبة للوضع الاقتصادي الذي تمر به مصر حاليًا أوضح الدكتور شرف أن الرغبات والاستعجال والتي هي في جملتها حقوق مشروعة انعكست على الحالة الاقتصادية التي تأثرت سلبًا بقلة الإنتاج والتصدير، وكذلك تأثرت السياحة، وأصبح الوضع الاقتصادي في موقف حرج (معاليه قال من كام سطر الوضع السياسي مطمئن، وأريد خبير سياسي يقول لي كيف يكون الوضع السياسي مطمئنًا في ظل وضع اقتصادي حرج؟!).

يقول المصريون تعبيرًا عن يأسهم من أمر ما "موت يا حمار.. على ما يجيلك العليق". ها نحن أمام الحمار "حمَّال الأسية" مرة أخرى، إلا أن القافية التي بدأت بها هذا المقال هي التي حكمت، بأن يكون عنوانه كما كتبته، مع الاعتذار للحمار، فقط لأنه الوحيد الذي يتم استغلاله، على طريقة جحا، ونتقابل بعد أربعين سنة، إما حكومة شرف تُقال أو تموت، وإما الملك عدم اللامؤاخذة يموت، ويبقى الحمار لا يتعلم أبدًا، ثم يموت أيضًا في النهاية، وكلنا لها، المهم أن مصر لا تموت، ولكنها تعلمنا وتعلم فينا!

وختامًا: نعيب زماننا والعيب فينا

وما لزماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب

ولو نطق الزمان لنا.. هجانا!!


ليست هناك تعليقات: