الجمعة، 11 فبراير 2011

بما أني ضعيف في تعبير مابداخلي, أسمحوا لي أن أستعير هذه المقالة من مدونة صديقي والتي رأيت فيها تعبيرا جميلا لما يدور بداخلي وأظن بداخل الكثير منكم وأنني لن أستطيع التعبير عما بداخلي أفضل منها

ضاعت الأيدلوجيات وبقيت مصر
من على أحد أرصفة ميدان التحرير ننظر للمشهد التاريخي بمصر ، لا أستطيع أن أجزم بأنني قد فهمت كل ما يحدث ومن يقول ذلك يكون واهم ولكنى تابعت الحدث عن قرب تناقشت وجادلت بعض المعتصمين أو الثوار ، ومن منطلق الخوف على الوطن الحبيب كنت حذر جدا في أسئلتي لعلى أستطيع تتبع أثر ضوء ينير لنا الطريق ولكن كلما كنت أناقش أحد يزداد الأمر غموضا ، ليذهب اليوم السادس عشر بإنهيار النظام المصري بكافة مؤسساته ماعدا الأوصياء على الحكم وهي المؤسسة العسكرية التي أثبتت أنها المؤسسة الوحيدة التى مازالت تحوذ على ثقة الشعب مع ما فيها من فساد مالي وإداري وأنها مؤسسة تفتقد للرقابة على كافة أيراداتها ومصروفاتها الداخلية ولكن ليس هذا محل موضوعنا الأن ، ذهب النظام في شكل درامي وفجأة خرج نائب الرئيس ليعلن تخلي الرئيس عن منصبة وتسليم الأمر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فتهتف الجماهير يحيا الشعب مع الجيش ، دون معرفة ما تخفيه الأيام وماهي خارطة الطريق التي سوف يضعها الجيش حتى يسلم الشرعية التي أقتنصها الشعب للرئيس القادم وما هي سبل إنتقال السلطة 
لم نستوعب ماذا يحدث وكيف حدث ؟ ستة عشر يوما هزت العالم دون توقف الجميع يراقب عن قرب والجميع لا يستطيع التكهن بما سوف يحدث كل شئ كان يحدث بشكل مفاجئ دوما ولكن أن نصل للحظة نجد النظام يجمع أشلائه ويرحل عنا لحظة فارقة في تاريخ مصر 
أكثر ما نخشاه أن تكون تلك اللحظة هى أخر فرصة لنا بقيام الدولة المدنية ليعود النظام العسكري في فرض سلطته على تلك الجماهير ويقفز على أكتاف هؤلاء الذين ناموا بميدان التحرير وتحملوا أقصى أنواع الذل والظلم ليدافعوا عن مطالبهم حتى وأن كان البعض منهم يحمل بداخله ثأر شخصي من النظام السابق وليس لغرض وطني  ، حيث خلق النظام السابق الكثير من الحقد بصدور المصريين ولكن يبقى الحدث واللحظة هم المسيطرين على الفكر
من المنطقي أن خطاب التخلي عن السلطة يكون له شكل مختلف وهو أن يظهر السيد الرئيس السابق علينا بخطاب يسهب فيه عن مواقفه الوطنية وكيف اراد للأمة المصرية الخير والأمان ونزولا على رغبة معارضيه سوف يترك السلطة على أن تتولى الهيئة العسكرية السلطة لحين إجراء خارطة الطريق ، ولكن ما حدث غير ذلك خطاب مقتضب من النائب بعين زائغة ونفس يلهج وفكر شارد يعلن فيه تخلي الرئيس عن السلطة وتسدل الستار على الرئيس مبارك نهائيا ليحل محلها مشهد أحد لواءات الجيش وهو يحي الشهداء من خلال التلفزيون المصري وتنقلب الصورة تماما ، حيث تحول التلفزيون الحكومي لإعلام من أجل الثورة الذي كان منذ أيام يصف القائمين عليها بأنهم مجموعة من الشباب الضائع فاقد الهوية ، أصبح هؤلاء في ليلة وضحاها ثوار على غرار بن عزيزه وجان دارك 
هذا التحول المفاجئ لكافة المواقع كان له أثر كبير على زيادة حالة عدم الفهم  
ويظل العقل يسأل عن وماذا بعـــد؟ هل غدا سوف يكون فجرا جديدا حقا أم أن الليلة سوف تكون مجرد إحتفالات بالنصر كأنها إحدى ليالي نصر الفريق الوطني على منتخب غانا ؟ 
خرج أذناب النظام ليسخرون من الرئيس الراحل وأعضاء الحزب الوطني يتملصون من عضويته ورجال أعمال يسحبون أموالهم حالة من الإستعداد للفرار من المركب وكما تعودنا أول من يهرب من المركب عند الغرق هم الجرذان وليس الربان أو طاقم القيادة 
وظهر معارضين للنظام السابق وهم يؤيدون تلك الثورة ليمتصوا جزءا من عبقها ورحيقها حتى يستطيعوا أن يصفوا أنفسهم أنهم أصحاب دور فيما يحدث 
نعم تلك الثورة كان بها الكثير من المشاهد الداعية للسخرية ففي الميدان تجد مشادة كلامية وخلاف شديد اللهجة بين أثنين حول فئة الشباب " الى مسقط بنطلونه" ودورهم في تلك الثورة أو فتاة تنادي مسلمين ومسيحين كلاهما مصريين وعندما حاولت إعطائها الصليب المعلق في عنقي لتحمله مع لافتة مكتوب عليها أسماء الله الحسنى رفضت بشدة أن تحمل الصليب وكأني أعطيتها كأس من النبيذ الأحمر أنتفض جسدها كله وهي تصرخ " انا مشلوش أنا بدعي الله بأسمائه الحسنى " نعم هناك عدم وعي كافي وشباب ورجال ونساء لا يخططون للخطوة القادمة ولكن في ظل تلك الفوضى العارمة سقط نظام مما يثبت أن النظام كان أكثر فوضوية من تلك الثورة ، ثورة تفتقد للكثير من دعائم الثورات المتعارف عليها ولكنها تظل أسلوب من أساليب اللا عنف وأعتقد أنها ستضاف لتجارب الشعوب حول تغير النظام بأسلوب اللاعنف الذى ناديت به منذ سنوات 
أمتلكتني حالة من السعادة عندما وجدت أن ميدان التحرير في تلك الفوضى به شق من التنظيم في غاية الدقة مستشفيات داخل الميدان تقدم الإسعافات الأولية دروع بشرية للحماية تغطية إعلامية من خلال الكاميرات الخاصة نصب تذكارية بل وخيم ومعسكرات تفوق معسكرات الشباب والرياضة تنظيما 
كانت حالة من الإضطراب في كل شئ لا تستطيع أن تمسك بطرف الخيط لما يحدث 
لدرجة أن بعض الصحفيين كان لا يستطيع رصد الأحداث بل يقف مبتسما ويشرد بذهنه أو يجلس بجوار بعض الشباب ويضع كفه على أحد خديه وهو لا يعلم ماذا سوف يكتب بعد ساعات عن الميدان ، هل يصف ما يحدث بأنهم مجموعة من الخارجين عن القانون أم أنهم مجموعة من الثوار ؟ هل ينادي فيهم بالعودة إلى منازلهم أم يهتف متضامنا معهم مراسلين يهرولون يمينا ويسارا هل يلتقط صور لبعض الإخوان أم يلتقط مشاهد اليساريين وهم يرددون أغاني الشيخ إمام 
هل يأتوا بمشهد الفتاة المنقبة ليظهروا ما يحدث وكأنه تكرار لثورة أيران أم يأتون بتلك الفتاة القصيرة القامة ذات الشعر الأصفر المجعد والتي تمتلئ بالنشاط والطاقة وتصرخ في المتظاهرين وتنظم الصفوف 
ضاعت الأيدلوجيات والأفكار وتلاشت الصور وبقيت اللحظة وبقيت مصر، تسللت إلى النفس حالة من الراحة مصحوبة بالخوف والرعب بعد إنتهاء جمعة الرحيل أياتى سبت النور ليضئ بشعاعه ربوع الوطن ويمحو بضيائه أثار الظلام
لا نملك سوى الحلم والأمل والرجاء والسلام لجميع البلدان في الشرق الأوسط

ليست هناك تعليقات: