السبت، 15 أكتوبر 2016

بقلم نجيب ساويرس

لخص سائق توك توك معاناة المصريين في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية وارتفاع أسعار السلع الأساسية وسوء حال التعليم في 3 دقائق هي مدة ظهوره علي شاشة برنامج »واحد من الناس»‬ الذي يقدمه عمرو الليثي. واعتقد ان اهم ما ذكره وشد انتباه المصريين واوجع قلوبهم هو مطالبته بضرورة اهتمام الدولة بالتعليم والصحة والزراعة للنهوض بمصر مستنكرا الوضع الحالي الذي وصلت اليه البلاد وتردي التعليم بعد ان كانت مصر في الماضي ثاني دولة في العالم تعرف السكة الحديد بعد بريطانيا حتي ان اليابان من 100 عام جاءت لمصر لدراسة النهضة المصرية وكانت كسوة الكعبة تخرج من مصر. لقد حركت كلماته شجوننا وحزننا علي ما آل إليه حالنا خاصة الإشارة إلي المساعدات الخليجية.
في رأيي ان هذا الانهيار في مستوي كل الخدمات ليس وليد اليوم بل لقد بدأ الانحدار تدريجيا بقيام ثورة ٢٣ يوليو وتبنيها للاشتراكية كمنهج تفكير وسياسة عقيمة لكسب تأييد شعبي فوري علي حساب مستقبل الوطن ورخائه ادت إلي تهميش الطبقة المتوسطة والأقل منها واستنزفت موارد الدولة واجهضت قدرتها علي الانتاج والاكتفاء ذاتيا. ان القرارات العنترية والقوانين غير المدروسة ضربت الاقتصاد المصري في مقتل. هل ينكر احد ان تفتيت الملكية الزراعية كان له آثار مدمرة وكارثية علي المدي الطويل علي الثروة الزراعية وعدم القدرة علي استخدام التكنولوجيا والاساليب الحديثة في الزراعة وخاصة زراعة القمح وغيره من المحاصيل الرئيسية وارتفاع تكلفة زراعتها اضعافا مضاعفة ؟ هل كان طرد الاجانب من مصر وتأميم ممتلكاتهم والاستيلاء عليها قرارا اقتصاديا صائبا؟ هل تأميم رجال الصناعة المصريين واصحاب الأراضي والعقارات قرار اقتصادي صائب؟ هل انشاء القطاع العام والتوسع فيه والتغاضي عن خسائره واستنزاف موازنة الدولة لدفع اجور لموظفين فوق طاقة حاجة العمل قرار اقتصادي صائب؟ الم يؤد غل أيدي اصحاب الشقق والعقارات عن ملكهم وتدخل الدولة في العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر وتثبيت الاجرة ومنح المسـتأجر حق التوريث إلي أزمة الإسكان الطاحنة التي تعاني منها مصر فهل كان ذلك قرارا اقتصاديا صائبا ؟ والتعليم المجاني اصبح تعليم الدروس الخصوصية لا هو مجاني ولا تعليم جيد.
لقد تخلت كل دول العالم المتقدمة عن النظام الاشتراكي وطبقت الخصخصة بما فيها روسيا. وتحولت أعتي الدول الاشتراكية إلي الاقتصاد الحر فالصين التي كانت في عداد أفقـر دول العالم قد تحولت إلي عملاق اقتصادي ودولة عظمي غنية تقرض امريكا واكبر الدول الاوروبية. يجب ان نعيد تقييم ثورة ٢٣ يوليو وان نتوقف عن المتاجرة بالشعارات فلن يعدل الحال الا مواجهة الخلل بشجاعة فالاعتراف بالحق فضيلة.
ان اقتصاد الدول لا يقام علي التبرع والهبات ولا علي سياسات اقتصادية ثبت فشلها ولا شعارات بالية. ان الوضع الحالي لن يستقيم الا بإلغاء الدعم تماما وتعويض غير القادرين الذين يمثلون 20 % من الشعب بتعويض نقدي مباشر بدلا من دعم 90 مليون مواطن. كما ان وجود سعرين للسلعة الواحدة يفتح الباب للسرقة والرشوة، فإن شراء الدولة للقمح من الفلاح المصري بضعف سعره العالمي أدي إلي سرقات بالملايين، كما ان استيراد السكر الآن وبيعه بالخسارة استمرار لنمو السوق السوداء واستفادة للمضاربين والسماسرة من فرق السعر ! كذلك إقحام الشركات المنتجة في منظومة الدعم بمنعها من التصدير وإجبارها علي البيع بأسعار مدعمة وليس بالأسعار العالمية سيؤدي إلي خسائر ضخمة قد تتسبب في إغلاقها وضياع الاف فرص العمل.
فلنحدد مسارنا الاقتصادي بوضوح بدلا من هذا الاقتصاد المختلط ولنحدد أولوياتنا كما ذكرها سواق التوك توك.. التعليم والصحة والزراعة.. أعلم أن هناك ثورة تعليمية تجري في هدوء بمساعدة من اليابان وتشرف عليها السيدة القديرة فايزة ابو النجا وهو مشروع ١٠٠ مدرسة عصرية جديدة طبقا للنموذج الياباني.. ضوء في نهاية النفق.. 

ليست هناك تعليقات: