الجمعة، 5 يوليو 2013

لا حوار بين الحروف والكلاشينكوف

خالد منتصر


خالد منتصر
الفكر الإرهابى التكفيرى هو صندوق باندورا الأسطورة الإغريقية الذى ما إن فُتح حتى انطلقت منه كل آثام وشرور وخطايا الكون، كرة ثلج تتضخم كلما تدحرجت وكساها الجليد، فكر التكفير الشرير هو طائر الرخ الأسطورى الذى عاقب برومثيوس سارق نار المعرفة بأن ظل يأكل كبده وكلما نما له كبد جديد يأتى لينقره ويلتهمه عقاباً على منحه البشر فضول المعرفة وحق الدهشة ونار الحقيقة. هذا الفكر ليس رأياً آخر بل هو نفى الرأى بدعوى أن من يتحدث إليك يتحدث ممثلاً للسماء، إذن أنت ليس لك رأى أصلاً، إن الحوار هنا ليس بين رأى ورأى آخر بل هو بين رأى ونفى الرأى ونفى صاحبه، ولا حوار بين رأى يتحدث من منطلق أرضى ورأى يدعى أنه الوكيل الحصرى لشئون السماء! لا حوار فى غرفة معبقة برائحة البارود، لا حوار على طاولة أسفلها جثث، لا حوار بين من يحمل قلماً ومن يحمل رشاشاً، لا حوار بين من صناعته تشكيل الحروف وبين من عقيدته التنكيل بالكلاشينكوف، كيف أتحاور مع من يضع ماسورة بندقية حاجزاً بينى وبينه؟! كيف أتحاور مع من يبرر قتلى بدم بارد ويؤيد سحلى بضمير مستريح ويضحك على سلخى بابتسامة لزجة؟! من يلتهم كبدى وقلبى ومخى بتلذذ والدم يسيل من زوايا شفتيه، هل أعترض عليه بمجرد عتاب لماذا لم تتبع قواعد الإتيكيت وتأكل أعضائى وجوارحى بالشوكة والسكين؟ ما يحدث من إرهاب فى سيناء الآن وباقى المحافظات وقبلها فى بين السرايات وقبلها من سفك دماء جنود ومدنيين فى رفح والعريش وترويع للمجتمع وتخريب للأمن القومى المصرى لا بد له من مواجهة حاسمة لا ينفع معها رفاهية الكلام عن عدم الإقصاء الخائب المائع، بالطبع لا أحد عاقلاً مثقفاً يريد أن يبنى وطناً يبحث عن إقصاء ولكن السؤال: وماذا أفعل بمن لا يعترف بالوطن والمواطنة؟ من يقف معى على أرضية الوطن المشتركة ويصعد معى من أول سلم المواطنة أهلاً به على الرأس وفى نن العين، ولكن من لا يعترف بالوطن ويجعله فى المرتبة الأخيرة، من عنده التخابر عقيدة والخيانة وجهة نظر والتنظيم الدولى ديناً فوق الدين إقصاؤه واجب وعزله فريضة، أنت تحاور وتستوعب وتدمج متطرف الفكر أياً كان طالما لم يشكل ميليشيات ويريق دماء من أجل تكريس وتمكين هذا الفكر، لو الشيوعى كان قد أعلى من قيمة الاتحاد السوفيتى أو الصين على وطنه لكان واجباً أن يُقصى، لو السلفى أعلى من قيمة السعودية ومصلحتها على مصر يجب أن يُقصى، وكذلك الإخوان ما داموا قد أعلوا من قيمة التنظيم الدولى على قيمة مصر فحل جماعتهم واجب قومى وضرورة أمنية كما حدث للنازية والفاشية، الوطن من الممكن أن يتسامح مع فاسد أو سارق بعد محاكمته أو سجنه ويعيد دمجه فى نسيجه ثانية، ولكنه لن يتسامح مع خائن، فعقيدة الخيانة لا توبة منها والعمالة لا يوجد مسحوق مطهر لقذارتها! مصر يتسع حضنها لجميع أبناء الوطن بشرط أن يكونوا أبناء الوطن فعلاً وليسوا أبناء التنظيم أو الميليشيا أو العصابة. مصر ستحترم كل من يعتبرها وطنه، وستطرد وتلفظ من يعتبرها مجرد سكنه! مصر ستحترم التفكير وتنحنى له احتراماً، ولكنها لا بد أن تعاقب التكفير ولا تنحنى خوفاً منه!!

ليست هناك تعليقات: