الجمعة، 10 مايو 2013

دولة الكوبونات!!


محمود نفادي

قديمًا قال الممثل القدير عادل إمام في أحد أفلامه الأبيض والأسود: "مصر بلد شهادات"، تعبيرًا عن أن حملة الشهادات التعليمية هم أكثر تقديرًا واحترامًا في زمن مضى، أما الآن، وبعد حكم جماعة الإخوان المسلمين، فلو عاد الزمن للوراء وأدى عادل إمام نفس الدور لغير العبارة إلى "مصر بلد كوبونات"؛ لأن جماعة الإخوان تسعى لتطبيق نظام الكوبونات في تعاملات المصريين اليومية، دون تفرقة بين غني وفقير أو متعلم وأمي، ومن يقيم في الريف ومن يقيم في الحضر، وبين الشباب وكبار السن، وبين الرجال والنساء؛ فالكوبونات للجميع؛ باعتبارها الحل السحري لمشاكل مصر؛ بسبب فشل جماعة الإخوان في إداراتها.
ففكرة الكوبونات؛ من أجل وصول الدعم لمستحقيه، ظاهرها الحق وباطنها الباطل؛ لأن جماعة الإخوان تريد أن تسيطر وتتحكم في رقاب المصريين وأرزاقهم، وتتحكم في معيشتهم اليومية، وتتداخل في كل ما يتعلق بالشئون الخاصة، بل والخصوصية، لكل مصري؛ من أجل أن تتمكن من السيطرة والتمكين من حكم مصر، بعد أن شعرت أن هناك زلزالاً شعبيًّا قادمًا يهز مقعد الحكم من تحت أقدامها، كما تفعل الآن مع المزارعين البسطاء في القرى، بتوزيع كوبونات السولار والبوتاجاز وحتى رغيف الخبز.
ففكرة الكوبونات ستعيد مصر إلى أيام ولت وانقضت، عندما عانى المصريون من طوابير الجمعيات الاستهلاكية لشراء السلع التموينية والأساسية، بما في ذلك كراتين البيض وزجاجات الزيت، وتمنى غالبية المصريين رحيل هذه الأيام، إلا أن جماعة الإخوان لديها دائمًا حنين للماضي، ولا تنظر للمستقبل على الإطلاق؛ لأنها لا تملك رؤية لإدارة المستقبل.
ولا شك أن الأيام المقبلة -مع تطبيق فكرة الكوبونات- ستظهر تجارة جديدة في مصر يسيطر عليها الإخوان ورموزهم، ألا وهي تجارة الكوبونات، وستكون أكبر وأكثر –ربما- من تجارة المخدرات، وسوف يسيطر الإخوان ورموزهم على الشركات التي ستتولى عمليات ميكنة محطات البنزين وإعداد الكوبونات، على غرار ما حدث في العهد السابق مع حزام الأمان بالسيارات، وتأسيس شركة خاصة تولت هذه المهمة وحققت أرباحًا كبيرة، وأيضًا تغير اللوحات المعدنية للسيارات.
وإذا كان البعض يتحدث عن تجارة الديون الخارجية لمصر في العهد السابق، فهناك تجارة جديدة أيضًا يديرها قيادات الإخوان، خاصة بعض رجال الأعمال الآن، ألا وهي تجارة الضرائب، والتوسط بين بعض رجال الأعمال في حل المنازعات مع مصلحة الضرائب مقابل الحصول على سمسرة مالية من أحد الطرفين.
فتجارة الكوبونات، التي ستظهر خلال الأيام المقبلة، وقبل التطبيق الرسمي لها في يوليو المقبل، أصبحت تحت سيطرة وإدارة قيادات إخوانية من رجال الأعمال، الذين يقفون وراء هذه الفكرة والإسراع بها؛ من أجل تحقيق أرباح خيالية دون النظر لأي متاعب سوف تواجه المصريين في طوابير الكوبونات.
ويبدو أن تجارة الكوبونات لن تقتصر على السولار والبنزين والبوتاجاز، ولكنها سوف تمتد لتشمل سلعًا وخدمات أخرى، قد تكون الالتحاق بالمدارس والجامعات، بل ودخول المستشفيات التابعة لوزارة الصحة؛ لكي تستبدل كروت التوصية والوساطة في عهد النظام السابق، وكانت حالات فردية بكوبونات الإخوان للتوصية والوساطة، وستكون ظاهرة كبيرة، فلا بد من وقفة للتصدي لأفكار الإخوان وعدم الاستسلام لهم.

ليست هناك تعليقات: