الجمعة، 10 مايو 2013

من هم مجموعة البلاك بلوك


إعداد: هاني سليمان
منهم من حمل أخاه المصاب على كتفيه، ومنهم من كفَّن أخاه الشهيد بيديه، الأسود رداؤهم، والغضب ينضح عرقًا على وجوههم، الظلم قد فاض بداخلهم، فتجمعوا على هدف واحد لكف الظلم وكسر شوكة الإرهاب، ليكوِّنوا الكتلة السوداء.
الاسم : "الكتلة السوداء"
النسب : "نحن نسل من دماء الشهداء"
الصفة : كلنا "حامل راية"
السبب : "التطور الطبيعي لغياب القصاص"
العقيدة : "25 يناير نعود بالحرية، أو لا نعود"
القانون الأول : "نحن لا نخاف منهم، هم يخافون منا"
القانون الثاني : "الخائفون ليسوا منّا، ولسنا منهم"
القانون الثالث : "دماء الشهداء تجري في عروقنا، نحن شهداء.. فقط لم نصبح كذلك بعد"
مخـتـتم : "الثورات لا تصنع من ماء الورود، الثورات تصنع من الدماء"
النهاية : "قصاص - عيش - حرية - عدالة اجتماعية"
"نحن فوضى تمنع الفوضى، الثوار يحكمون في كل مكان، عليكم بالمراقبة أو المشاركة"
هذا هو الشعار الرسمي لحركة "بلاك ماسك" أو "بلاك بلوك"، وهم عبارة عن مجموعة من الشباب في جميع أنحاء الجمهورية، تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، يؤكدون أن هدفهم الأول والأخير الوقوف ضد كل نظام ظالم مستبد، وضد جماعة الإخوان المسلمين، وضد كل مَن يتاجر بالدين: "نحن ندافع عن الثورة، ولن نترك أي شخص متأسلم يتاجر بالدين"، كما أنهم لا ينتمون لأي حزب أو حركة سياسية، "في النهاية نحن لسنا بلطجية ولا مخربين وإنما نحن ندافع عن مصر من إجرام الإخوان".
وقد انضم إليهم مؤخرا شباب من حركة 6 أبريل، وبعض شباب الأولتراس، وبعض الحركات الاشتراكية اليسارية، مشددين على أنهم سيكونون حماة للثوار في كل محافظات مصر المختلفة، حسبما جاء في بيانهم الأول عبر موقع "يوتيوب"، والذي جاء فيه:
البيان الأول.. بلاك بلوك مصر:
"نحن مجموعة بلاك بلوك.. جزء من الكل في العالم.. نسعى منذ سنوات لتحرير الإنسان.. هدم الفساد.. إسقاط الطاغية.. لذا كان علينا الظهور بشكل رسمي لمواجهة الطاغية الفاشي (الإخوان المسلمون) بذراعه العسكرية.. ونحذِّر بقوة من تدخل مؤسسة الداخلية بهذا الشأن فإذا واجهتنا.. فلن نتهاون في الرد.. ليس لدينا أي صفحة تمثلنا على صفحات التواصل الاجتماعي ولن يكون أبدًا.. ونحذِّر الجمهور من الانسياق وراء هذه الصفحات الواهية للحفاظ على حياتكم.. المجد للشهداء.. النصر للثورة".
التنظيم
يطلقون على أنفسهم أيضًا "الكتلة السوداء المصرية" أو "فرسان الظلام"، وعددهم لا يتجاوز مائة وخمسين عضوًا، الغالبية منهم لا ينتمي لأحزاب سياسية، ويتواجدون بشكل جماعي ومنظم. وبالمناسبة، فهم يتحدثون أبدًا أمام الكاميرات، وقد بدأ نشاطهم أولاً في العاصمة، بتكوين "أيقونات" المحبين للشغب، وهي مجموعة تضم أعضاء الكتلة من كل منطقة . وقد أكدوا أنهم ليسوا صناعة غربية أو أجندات خارجية كما ادعى البعض: "فقد اعتدنا التخوين من الخائنين في الأصل، نحن صناعة محلية، صناعة الظلم، صناعة دم الثوار الذي سال على أعتاب الحاكم.. نحن مجموعة شباب لسنا ممولين من أي أشخاص أو كنيسة.. إحنا مش تبع أحزاب أو أي حركات سياسية، نحن شباب مستقل، نحن المجهول".
واجتماعات الكتلة مازالت سرية، فهم لا يملكون مقرًا حتى الآن، فاتخذوا مقاهي وسط البلد مقرات لاجتماعاتهم. ويرفعون شعار: "غير الدم محدش صادق"، وشعار "سلمية ماتت"، ويقرعون "طبول الحرب.
كان الظهور الأول للكتلة السوداء أو black bloc كحركة عالمية، في احتجاجات المتظاهرين في الدول الأوروبية كألمانيا واليونان، من أربعين عامًا تقريبًا. من أجل الاعتراض على بعض الأساليب غير الطبيعية، وتعتمد على تكتيك للمظاهرات والمسيرات، حيث يرتدي الأفراد الملابس السوداء، والنظارات والأقنعة وخوذات الدراجات النارية، وذلك من أجل عدم الكشف عن هويتهم.
وكان ظهور هذه المجموعة في مصر، كأحد إفرازات الثورة والتطور للحركات الشبابية والثورية التي ظهرت بعد 25 يناير متجاوزة حاجز الخوف والرهبة، مستخدمة وسائل العنف والمواجهة. وترتدي هذه المجموعة من البلاك بلوك أقنعة وأعلامًا سوداء على وجههم، وأعلنوا مسئوليتهم عن حرق مقر جماعة الإخوان المسلمين في 6 أكتوبر وشبرا،  وأكدوا أنهم لن يتعرضوا للشرطة ولا للقوات المسلحة، ولكن إذا تعرضوا إلينا فلن يكون هناك رحمة.
كل عضو بالكيان يعلم دوره جيدًا ومسئول عن تنفيذه فلا يستطيع أي أحد أن يقوم بدور الآخر، وليس لديهم أي تمويل خارجي أو داخلي، فكل عضو يموّل نفسه ذاتيًّا من ملبس و أدوات "وإذا لم يستطع عضو إحضار أدوات معينة فإننا لا نقوم بشرائها له ولكننا نقوم بتوجيهه للمكان الذي تتوافر فيه تلك الأدوات".
وهم يؤكدون أنه من الصعب اختراقهم أمنيًّا ولو بنسبة نصف بالمائة، ولا يوجد إلا علم واحد للكيان وهو موجود مع قائد الكيان.
تسليح الكتلة
الكتلة تملك أنواعًا جديدة من الأسلحة غير القتالية، كالنار الإغريقية، وهي كتل كبيرة من الزجاج والقماش مغمورة بالبنزين، مستوحاة من فكرة "المولوتوف"، لكن بشكل أقوى تأثيرًا، كما تمتلك الكتلة أنواعًا من السوائل مصنوعة من الفلفل الأحمر والخردل ومياه النار موضوعة في زجاجات في حالة الاشتباك عن قرب، وتأثيرها يصل إلى العمى وحرق الجلد السطحي، فهناك "سائل النابالم الحارق"، وقد استُخدم في الحروب القديمة. أما أدوات الدفاع، فهناك الأقنعة المانعة، أو المعدنية المصنوعة من طبقات السلك السميك، لتمنع وصول الخرطوش والحجارة إلى الوجه خاصة العين، و"الخوذة" لوقاية الرأس من طلقات الخرطوش إن ضربت عن قرب.
إن جميع الأدوات التي يستخدمونها هي أدوات غير متداولة وجديدة ، فعلى سبيل المثال ما يستخدمونه في الحرائق ليس "ملوتوف" وإنما يستخدمون مادة تسمى "مولتو" وهي يساعد على الاشتعال لفترة طويلة ولا يمكن إطفاؤه إلا بمادة معينة رفضوا ذكر اسمها.
المشاركة في الذكري الثانية لثورة 25 يناير
 شاركت الكتلة بقوة في ذكرى الثورة، حيث أجرت نشاطًا تمهيديًّا يومي 18و19 يناير، كتدريب على تمهيد الميدان لاستقبال الثوار وتأمينه على أكمل وجه، وستضع بعض عناصر الكتلة على بوابات الميدان لتصيد المتسللين أو البلطجية.
انطلقت مسيرة من ميدان طلعت حرب، ضمت العشرات من أعضاء حركة "بلاك بلوك" إلى ميدان التحرير مرتدين الملابس السوداء والأقنعة السوداء للمطالبة بالقصاص العادل من قتلة شهداء مجزرة بورسعيد، ورفع المتظاهرون لافتات مكتوبًا عليها "القصاص بأيدينا"، و"الانتقام" دم.. دم"، ورفعوا أعلامًا سوداء مكتوبًا عليها "B.B".
واقتحمت مجموعة منهم احتفالية جماعة الإخوان المسلمين، التي أقامتها بالملاعب المفتوحة المجاورة لاستاد النادي الاسماعيلي، بمناسبة المولد النبوي الشريف، وقاموا برشق الحضور بالحجارة والزجاجات الفارغة.
كما أنها أعلنت مسئوليتها عن حرق فرع مطعم "مؤمن" بوسط البلد بزعم أنه ينتمي للإخوان، وواجهة صيدلية العزبي، كما أعلنت أيضًا على صفحتها على "فيس بوك" مسئوليتها عن الحريق الذي نشب في مقر الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين "إخوان أون لاين" بالتوفيفية.
وقد وجهوا رسالة شديدة اللهجة: "محذرين أي شخص تسوِّل له نفسه الاعتداء علينا أو على المتظاهرين فسنتصدي لهم ولو دفعنا حياتنا ثمنا لذلك".
وقاد شباب "بلاك بلوك" وحركة 6 أبريل مسيرة دوران شبرا، والمتجهة إلى ميدان التحرير يوم الجمعة، للمشاركة في فعاليات إحياء ذكرى ثورة 25 يناير الثانية، مرددين هتافات: "يا عريان صح النوم النهارده آخر يوم"، و"يا إخواني صح النوم النهارده آخر يوم".
وأعلن عدد من أعضائها في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، أن أولى خطوات التصعيد التي ستتم اليوم هي إشعال النيران بمقر مجلس الشورى بشارع قصر العيني.
وبغض النظر عن مدى اتفاقنا معهم أو اختلافنا على أسلوبهم، إلا أن الحقيقة الظاهرة الآن هي أنه قد ثار بركان الغضب، وليس من السهل السيطرة عليه، أو قمعه واحتواؤه، فالثورة مستمرة، ويبدو، بالفعل، أن "سلمية ماتت".

ليست هناك تعليقات: