الاثنين، 20 فبراير 2012

أسئلة بديهية


إبراهيم عيسى
اسمحوا لى أن أندهش، ومستعد فورا لتصديق ما سوف يقولونه لى لأبدِّد دهشتى!
لواء بالقوات المسلحة كان الرجل الثانى فى المخابرات الحربية حتى سنوات مضت، بل كان يشغل منصب مدير جهاز الأمن الحربى بإدارة المخابرات الحربية، حيث من مهام منصبه متابعة أى نشاط سياسى أو دينى لأىٍّ من أفراد أو ضباط الجيش واتخاذ إجراءات إزاء هذا النشاط وصاحبه، ومهمة هذا اللواء، كذلك، أن يمنع وجود أفراد أو ضباط ذوى خلفية دينية أو انتماءات إلى الإخوان المسلمين أو الجماعات الإسلامية، ويلجأ إلى قرارات ضدهم، منها إحالتهم إلى المعاش!
هذا اللواء يصبح مرشحا على قائمة الإخوان المسلمين فى الانتخابات الأخيرة!
ثم يرأس لجنة الدفاع والأمن القومى فى البرلمان كذلك!
إنه اللواء عباس مخيمر!
وتبقى الأسئلة:
هل كان اللواء عباس مخيمر عضوا فى جماعة الإخوان المسلمين أثناء خدمته فى القوات المسلحة؟ أم أنه انضم إلى جماعة الإخوان بعد خروجه من الجيش وتقاعده من وظيفته العسكرية؟ (لا معلومات كثيرة لدينا طبعا عن عدد الضباط المتقاعدين من أعضاء جماعة الإخوان… وحزبها!)، أم أن اللواء مخيمر لم يكن عضوا فى الجماعة ولم ينضم إليها، ولكنه فقط، ترشح على قائمة الإخوان المسلمين فى الانتخابات الأخيرة؟ وكيف لرجل كانت هذه مهمته أو إحدى مهامه وكان هذا مركزه بحساسية مسؤوليته ينضم هكذا إلى جماعة الإخوان، متجاهلا أى ظلال من الأسئلة حول هذا الانتماء بتوقيته وما يطرح من استفهامات أيضا عن تاريخ اللواء وعلاقته المفترضة أو الممكنة أو المحتملة أو المتوهَّمة مع جماعة الإخوان؟!
اللواء عباس مخيمر الذى صار رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب لواء سابق بالقوات المسلحة يبرز اسمه فجأة مع جماعة الإخوان مع خوضها الانتخابات ويترشح فى صدارة قائمتها فى «أبو كبير -شرقية» ثم تقدِّمه الجماعة عبر حزبها مرشحا وحيدا على رئاسة لجنة الأمن القومى فى مجلس الشعب ليكون فى موقع النظر والأخذ والرد فى ميزانية الجيش وموازنته وأمواله ونفقاته!
أليس هذا كله أمرا مثيرا فعلا؟
الغالب فى تحليلات متناثرة أن المجلس العسكرى هو الذى طرحه ورشحه للإخوان، ومن ثم فإن علاقته بالجماعة حديثة بعد الثورة، وجاءت بتزكية من المجلس العسكرى، فتبنت الجماعة ترشيحه والوصول به إلى موضعه المهم! (لو صح هذا فما الذى يجعل «العسكرى» يرشح مسؤولا عن الأمن الحربى لجماعة الإخوان؟).
لا يوجد بالقطع أى دليل على هذا الكلام، ومن ثم لا نملك تأييده ولا ترجيحه، ومن الصعب أن يقول المجلس نعم أنا رشحته أو أن يقول الإخوان نحن وافقنا، فهذا يكشف عن تنسيق وثيق يحرص الطرفان على نفيه تماما، ولا نملك إلا أن نصدقه، إذ لا نملك دليلا!
ما الذى يجعلنا نطرح هذه الأسئلة التى أظنها بديهية عن سيادة اللواء مع غموض سيرته السياسية (ليس له سيرة سياسية أصلا!) ومع دخوله السريع فجلوسه الأسرع فى هذه المكانة الحساسة، إذن هو موضع ثقة ودعم الإخوان المسلمين (أين عرفوه وتعرفوا عليه؟).
سبب هذه الأسئلة (المرعبة) إضافة إلى الغموض الذى يكتنف القصة كلها هو ما كتبته أمس، عن خطورة أن الأجهزة الثلاثة (الجيش والشرطة والمخابرات)، ستكون فى يد الإخوان والسلفيين بعد أسابيع أو شهور، وهو ما سيجعلها تغيِّر فى جينات هذه الأجهزة والمؤسسات.
هل كان الإخوان أصلا موجودين على طريقة الخلايا النائمة فى هذه الأجهزة الثلاثة منذ زمن؟ أم أنهم سيتسلمون الأجهزة بتسلمهم الحكم ويتم -كما كتبت أمس نصا- «اللعب فى جينات هذه المؤسسات بالتالى:
- النص فى الدستور على أن من مهام هذه الأجهزة خدمة الإسلام أو العمل لحماية الدين مثلا أو وَفْق أحكام الشريعة الإسلامية (طبعا يمكن للنصوص أن تختلف وللفقرات أن يعاد تركيبها وترتيبها).
- وضع تشريعات تلزم هذه المؤسسات بالالتزام الدينى شكلا وموضوعا.
- تعيين قيادات الإخوان والسلفيين أو محسوبين عليهم فى المناصب العليا لهذه المؤسسات والتخلص ممن يعارض التوجهات الجديدة.
- إعادة صياغة مناهج الكليات العسكرية وكلية الشرطة.
- صياغة جديدة للوائح الداخلية المعمول بها فى هذه المؤسسات.
- إدخال دفعات كبيرة وواسعة من أعضاء وكوادر الإخوان والسلفيين فى هذه الكليات بشكل منظم ومنتظم.
مصر أمام مفترق طرق، فإما أن تصبح هذه الأجهزة ملكا للشعب (كله لا ملكا للأغلبية، خصوصا أن الأغلبية ليست أغلبية دائمة بالضرورة!) وهذا ما يتطلب حماية هذه الأجهزة من الاختراق الحزبى والسياسى والوقوف أمام محاولة أسْلمة هذه الأجهزة بجعلها فى خدمة تيار الإسلام السياسى، وإما أن تذهب مصر سريعا إلى النموذج الباكستانى أو التركى القديم، حيث جيش باكستان هو جيش الإسلام (راعى طالبان) والجيش التركى هو جيش العلمانية الخصيم للتيار الإسلامى.. ستكون مصيبة إذا تحوَّل ولاء الجيش والشرطة والمخابرات فى مصر إلى الجماعة وليس الشعب، إلى المرشد وليس الوطن.


 

ليست هناك تعليقات: