الثلاثاء، 14 فبراير 2012

العمل المقدس وتطهير مصر من الكفرة


بقلم: أنطوني ولســن


لا يكفي "مصر" المهازل التي سبَّبها لها "مبارك" وسقطه من البشر، نجد أن من تولوا الأمر من بعده، إن كان من رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجيشه الذي ليس من القوات العسكرية الحربية إنما من الإخوان المسلمين والسلفيين، فزادوا المهازل مهزلة تعتبر بكل المقايس "مهزلة المهازل" للقرن الواحد والعشرين وقرون الظلام والاستبداد واستباحة دم وأعراض المسيحيين في الدول الإسلامية. سبق وكتبت عن هذا الموضوع مقالاً بعنوان "هل يُعقل أن يحدث هذا في القرن الواحد والعشرين؟؟!!"، وأشرت فيه إلى ما حدث في 27 يناير 2012 من حرق ونهب وسرقة محلات المسيحيين بقرية "شربات" التابعة لمنطقة "النهضة" بمركز "العامرية" محافظة "الإسكندرية". وذلك الحادث الله أعلم إن كان حدث حقًا وحقيقة أم هو بلاء وإتهام باطل يراد من وراءه التنكيل بالمسيحيين بالقرية، الحدث يقول أو يدّعي أن شابًا مسيحيًا كان على علاقة بسيدة مسلمة فاسقة وأنهم رأوا مقاطع فيديو وصور لهما، ولم يؤكِّد الخبر لا الشرطة ولا من إدَّعى بالحادثة. هاجت القرية وماجت وخرج الجميع في موجات غاضبة صارخة طالبة القصاص والانتقام ممَن دنَّس شرفهم ومرمط سمعتهم في الأرض، فظنت أنهم يقصدون السيدة المسلمة الساقطة على حد ما جاء في الخبر، لكنهم على النقيض لم يعبأ أي منهم بشرف المرأة الممرمط شرفها في الوحل وإتجهوا إلى منزل الشاب الذي سلَّم نفسه للشرطة وسلَّم تليفونه المحمول للضابط النوبتجي ليتأكد من عدم وجود لا صور ولا فيديو عليه.. ما علينا، الأشاوس المسلمين ذهبوا ثائرين فحرقوا المنازل والمتاجر، ولم يكتفوا بذلك فقط، بل قاموا بسرقة ونهب المحلات المملوكة للمسيحيين، من ارتكب الذنب ومن لم يرتكب، دون تدخل رجال الأمن، وتم منع رجال الدفاع المدني من إطفاء الحرائق. تكتمل المهزلة باجتماعات عرفية تنتهي بإتخاذ قرار التهجير لثماني عائلات، وبدون دفع تعويضات عما لحق بهم من أضرار، ولا حتى دفع الديون التي على أهالي القرية والواجبة السداد. هكذا وبكل بساطة!!. في المقال السابق، أشرت إلى أن القانون في مثل هذه الحوادث والأحداث يعتبر الرجل شاهد وليس مجرمًا، وأضيف اليوم إلا في حال إذا كان الرجل متزوجًا، فترفع زوجته عليه قضية زنا، وهنا وجب عليه الحكم. وكذلك على المرأة إذا كانت متزوجة زوجها يحق له رفع قضية زنا عليها، ويحق له طلاقها دونما أية استحقاقات. تنظر مثل تلك القضايا أمام محاكم متخصصة. لكن أهالي القرية لم يهتموا بالمرأة ولا بفعلتها، وإنما ركزوا على الرجل وعائلته وجميع المسيحيين بالقرية، وأصرّوا على تهجيرهم بعد أن جردوهم من جميع ممتلكاتهم، وإضرام النيران فيها، ونهب وسرقة كل ما وصلت إليه أيديهم الطاهرة. والمرأة حرة طليقة تبحث عن مسيحي آخر تلعب معه نفس اللعبة، طالما أن وراءها ظهر من الشباب والرجال والشيوخ يحميها ويأخذ القصاص من المجرم الذي هو ضحية في نظر القانون، وليس في نظر المجالس العرفية. يذكِّرنا هذا بما حدث بقرية "أطفيح" بـ"الجيزة" وحرق وتدمير الكنيسة في بداية ما كان يُسمَّى بالثورة، والتي طمس معالمها المجلس الأعلى للقوات المسلحة المهيبة، وقد صمَّم أهالي القرية ومشايخها على تهجير كل الأسر المسيحية، وعدم إعادة بناء الكنيسة في القرية. وأيضًا الاعتداء على كنيسة القديسين ومقتل المصلين، ولم يعرف أحد حتى الآن منْ هم الجناة. وتتكرَّر نفس الأحداث كل يوم وكل ساعة، وفي جميع أنحاء "مصر" المقهورة والذليلة والمهانة بأيدي أناس يتشدقون باطلاً أنهم ينتمون إليها ويدعونها وطنًا لهم، وهي منهم براء. المجلس الأعلى تدخَّل في "أطفيح" وأحبط محاولة التهجير، وقام مشكورًا بإعادة بناء الكنيسة في مكانها، لكنه لم يحرك ساكنًا لما يحدث في قرية "شربات" بـ"العامرية". تقدَّم بعض من أعضاء البرلمان لرئيسه بطلب النظر في أمر مسيحيي قرية "شربات"، لكنه لم يعر للأمر أدنى اهتمام، فلديه مهام أكثر أهمية تشغل تفكيره وتفكير برلمان "قندهار" المبجَّل، فهم يريدون فعل ما فعله "نيرون" في "روما" بحرق المسيحيين في "مصر". وياله من عمل مقدس يستحق منهم التركيز عليه حتى تتطهر "مصر" والبلاد الإسلامية من الكفرة الزناة!!. ولا شك أن المهازل لن تنتهي لا في القريب ولا على المدى البعيد، فقد أرسى الإخوان مراكزهم وتمكنوا، والسلفيون لا هم لهم سوى المرأة، والمسيحي والمجلس الأعلى للقوات المسلحة في حيص بيص، يحاول أن يقف على رجليه بعد أن أسلم ذقنه لمنْ كان الإتفاق بينهم على المشاركة في توزيع الكعكة. وليس لـ"مصر" غير الله ليحميها من شر بنيها ومنْ يدَّعون باطلاً أمومتها لهم وهي منهم براء. 

ليست هناك تعليقات: