الأربعاء، 9 مارس 2011

هدم الكنائس و اضطهاد المسيحيين أمر قانوني مُلزٍم حسب المادة الثانية بالدستور

هدم الكنائس و اضطهاد المسيحيين أمر قانوني مُلزٍم حسب المادة الثانية بالدستور



د. سيد القمنى

حتى لا تتحول الثورة المصرية إلى كابوس مرعب يُديره الإسلاميون، لا يصح تجاوز الأحداث التي كانت و مازالت تحدث ضد المسيحيين المصريين، مع وجوب الامتناع عن صرف النظر عن الحقائق الماثلة على الأرض في ثقافة المصريين الوهابية ، إلى الأيادي الخفية، بغرض عدم المُعالجة السليمة و عدم الرغبة في هذه المٌعالجة، بإحالتها إلى الأيدي الخفية، و مادامت خفية فمن الصعب تحديدها لإيقاف عملها ، و يظل الوضع كما هو عليه، و تظل الألغام مدفونة لتنفجر في وجوهنا كل يوم.
في الأحداث الأخيرة بقرية إطفيح مركز صول بشرقي النيل، حدثت حالة حب بين شاب مسيحي و شابة مسلمة، و هو شأن طبيعي فالحب لا يعرف الأديان و العناصر، فهو حالة وجدانية خاصة بين طرفين بالتراضي بينهما، لكنه في بلادنا يكون كارثة كونية تقوم بسببها الحروب و تٌحرًق البلاد، فليس لدى المسلم مانعا من ركوب مسلم لمسيحية بحسبانها سبية، و لأن الإسلام هو الدين الأعلى ، يعلو و لا يُعلى عليه ،فهو يركب ولا يُركب ، و هي ثقافة الفاتح الغازي الذي يستولي على بلاد بكاملها بما عليها، و يحول أهلها إما أتباعا له يعتنقون عقيدته و لا يرتقوا بذلك لمستواه إنما يظلوا موالي، أي درجة من العبودية بين الأحرار وبين العبودية الكاملة، و إما عبيدا بالمعنى الكامل في حال بقائهم على دينهم و ثقافتهم المحلية الوطنية، و تكون أموالهم و أعراضهم عُرضة طوال الوقت للاغتصاب بالحكم الشرعي.
و لعل شر أنواع الاستعمار طرا هو الاحتلال الاستيطاني الذي يُوًطن الغزاة سادة و يجعل المواطنين الأُصلاء عبيدا و يمحو ثقافة هذا الوطن بالتمام و يقضي على لٌغًته الوعاء الثقافي الحامل لتاريخه، و يستبدله بثقافة المستعمر لتُصبح ثقافة للوطن، ليُصبح الاستعمار ليس فقط للأرض أو الناس إنما يصل إلى الروح، و ما أبشع الاستعمار الروحي للشعوب بين كل أنواع الاستعمار.
و في أحداث إطفيح جلس العقلاء من قسوس و كبار القرية لحل المشكلة ، و انتهت بتطبيق قانون الإذلال للأقلية، بنفي الشاب و أسرته من القرية و إعلان بيع بيتهم لمن يُريد، لكن المتشددين من أهل القرية رأوا أن ذلك أمر لم يرد بالشريعة الإسلامية، فقاموا بقتل و تصفية عناصر الجريمة بما فيهم أب الفتاة الذي وافق على هذا الاتفاق الغير شرعي، و قاموا بتطبيق الشرع بهدم الكنيسة و مطاردة ستة اّلاف أسرة مسيحية و نهب بيوتهم و إخراجهم من القرية بعد الاعتداء الوحشي عليهم.
و رغم ما يعلمه المصريون عن أن هذا الشق من الوطن شرقي النيل يتعيش معظمه على تجارة المُخدرات تهريبا و توزيعا، فمن الغريب أن يقوم هؤلاء بتطبيق الشريعة الإسلامية على المسيحيين من مواطنيهم، ربما لأن المخدرات لا يوجد بشأنها تجريم في الشريعة كتحريم الخمر و الخنزير، و هي بذلك ليست مطعنا في صدق الإيمان ، و للحق فإن هدم الكنيسة حسب الشريعة هو أمر سليم مئة بالمئة حسب الوثيقة العُمَرية الشهيرة، بهدم ما يُستحدًث من كنائس و عدم تجديد القديم منها حتى يتهاوى و يزول مع الأيام ، لكن أهل إطفيح المسلمين الخلصاء رأوا أن يُقدموا للشريعة فضلا زائدا بعمل لم تُقٍره الشريعة و هو إخلاء القرية من المسيحيين، لأن هذا الأمر خاص فقط بجزيرة العرب و لا يسري على الأقطار المفتوحة، و بذلك أصبح تُجار المُخدرات يُشرعون للإسلام المزيد من الفضائل ، كالذين شرعوا النقاب كفضل زائد زايدوا به على الحجاب.
أذكر هنا الثورة العارمة التي قامت بسبب رد الأنبا بيشوي على تحريض قناة الجزيرة و أحمد منصور و سليم العوا ضد المسيحيين و اتهامهم باستيراد أسلحة من إسرائيل و تكديسها بالأديرة، و هي التي لم نراها مرة واحدة و لو في حالة دفاع عن النفس بالكنائس التي تُحرًق و الأديرة التي تُهدًم. و من وجهة نظري فإن الأنبا بيشوي قد أخطأ في قوله مرتين، مرة عندما قال أن المسلمين المصريين هم ضيوف على المسيحيين المصريين، و مرة عندما تساءل عن اّية قتال أهل الكتاب هل كانت ضمن القراّن أم أُضيفت إليه.
الخطأ الأول ، أنه إذا كان يقصد بالمسلمين الضيوف المُسلمين الفاتحين لمصر، فهو فادح الخطيئة، لأنهم لم يكونوا ضيوفا إنما كانوا غزوا عسكريا استيطانيا لم يتم بالمُطلق على دعوة من أقباط مصر كما يزعم المُفلسفون المسلمون، لأن قصة الفتح معروفة عن رغبة عمرو بن العاص فيها باعتبارها منجم و كنز مطلوب ، و عدم رغبة الخليفة عمر و كيف أخفى خطاب الخليفة حتى جاوز العريش ليفتحه و يُعلنه لجيشه و يدخل مصر غازيا. و إذا كان الأب بيشوي يقصد بالضيوف المسلمين الحاليين فهو خطأ لا يقل فداحة ، لأن هؤلاء مصريين تاريخيا سواء كانوا مسيحيين تأسلموا ، أو عرب غُزاة تمًصروا منذ ألف و اربعمائة عام.
الخطأ الثاني أن الأب بيشوي تصور أنه مادام ممكنا أن يسمع يوميا عبر ميكروفونات المساجد التأكيد بالقراّن و الحديث أن تحريفا ما حصل بالإنجيل، أنه يجوز له أن يقول نفس الشئ بالنسبة للقراّن من باب تحسين الوضع لتبرئة القراّن من تهمة أن الله قادر على حفظ بعض كلامه(القراّن) و غير قادر على حفظ بعض كلامه (الإنجيل) ، لأنه نسي أنه من العبيد و أن تطاوله على قدس أقداس السادة هو الطريق إلى مجزرة دموية ضد العبيد . و أن عليه الاعتراف بتهمة تحريف الإنجيل، و كمال و صوابية القراّن، و هو ما يعني أن يُعلن إسلامه و إن ظل مسيحيا، بإعلان سلامة القراّن و اعتلال سلامة الإنجيل. الطريف في أمر الأنبا بيشوي أنه عندما تحدث صاحب هذا القلم عن وجوب الصدق مع أنفسنا وتسمية الأحداث بأسمائها الحقيقية وأن الفتح العربي كان غزوا استيطانيا ، وذلك منذ عدة سنوات عندما كان هو وامثاله صُم بُكم لايحيرون قولا ، تطوع نيافته للرد على ما كتبت بحسبانه بوابة للفتنة !!! أُسكت يا صاحب النيافة لأنك تتورط فيما لاتفهم وتورط الوطن في مصائب عبرت عنها المسيرات السلفية الألفية بالإسكندرية قبل الثورة بأسابيع ..ومن بيشوي إلى الإخوان و أذرعهم الضاربة سواء في جماعات متعددة الأسماء أو الأزهر أو دار الإفتاء احزن يا وطني ، فكلهم يُجمعون على التبعية لثقافة الفاتح التي تُقسم الناس إلى سادة و عبيد بنصوص مقدسة و أحاديث و تشريعات و أبواب طوال في فقهنا، بإصرارهم على عدم المساس بالمادة الثانية بالدستور.مع تأكيدهم أن الدين الإسلامي هو دين الحرية القائمة على المساواة بين الناس بالعدل حقوقا و واجبات، دون أن يُشيروا إلينا أين نجد هذه النصوص المُقدسة، فأي دين إسلاما كان أم دين اّخر، لا يساوي بين المؤمنين به و بين أصحاب الأديان الأخرى، و أن كل دين من الأديان الثلاثة يقسم ويمايز في داخله و يميز بين أتباعه، و كلها تعترف و تُقر و تٌقنن للقانون القديم اللإنساني بأن داخلها سادة و عبيد لا يتساويان أمام الشرائع الأرضية، و المساواة مؤجلة إلى ما بعد البعث في جميعها، بل أن بعض هذه الأديان يجعل المساواة بعد البعث شبه مستحيلة، فهناك فرق بين من رزقه الله في الدنيا واغناه فتصدق و زكى فيكون له المكان الرفيع في عالم الخلد، و بين العبد الذي لا يملك ما يتصدق به و يُزكي، فهناك أيضا لا يستويان، كذلك الذكر و الأنثى في اّخرة الرحمن لا يستويان، فمن حق الذكر ألوف الحور العين، و من حق الأنثى الصالحة أن تكون محظية ضمن محظيات الزوج السعيد. إن الإصرار على استدامة المادة الثانية بالدستور التي تُفرق بين المواطنين على أساس الدين، و ترفع شان طائفة من مواطنيها على شأن طائفة أخرى، و تدعم دينا من أديان مواطنيها ضد بقية الأديان، و لا تترك كل دين في الوطن يظهر بقوته الذاتية في منافسة متكافئة ، هي مادة ضد كل معاني الحريات، و تغتال أساس معنى الحريات الديمقراطية التي لا تقوم إلا على المساواة المطلقة بين المواطنين ، حتى أن عقيدة خاصة لمواطن واحدة تستحق من الوطن كله الدفاع عنها و عنه.إن الإصرار على بقاء هذه المادة هو هدم لكل مطالب الثورة بالحريات، و هدم لأساس أي دستور، و تكريس لعدم المساواة بين المواطنين الذي تنتفي معه فكرة المواطنة و الانتماء الوطني و تُغيب لصالح ثقافة الغازي المستوطن و العبد الوطني، وفق القاعدة الأموية الخليفة ردا على الوالي الذي ذهب من مصر الى دمشق يرجو تخفيف الجباية بعد أن نهكت الرعية و أفلست ، أن هؤلاء ليسوا رعية و "إن هم إلا عبيدا لنا نزيد عليهم كيفما شئنا".
بقيت كلمة بشأن ما يكشف الاّن داخل مقار أمن الدولة ، فقد تعرض صاحب هذا القلم لحملات منظمة ومسعورة وكاذبة وخسيسة و مكثفة طوال عمره ككاتب ،وان الذين قادوا الحملة الأخيرة وهى اقساها جميعا هم السلفيون وموقعهم ( المصريون ) وهم الحلفاء الأول والشريك العلني دون حاجة لأي وثائق لأمن الدولة الراحل ، و كان مفترضا أن أفعل فعل مجدي الجلاد لأقدم بلاغا للنائب العام ليكشف عن هذا التنظيم المحكم لاغتيالي أدبيا و جماهيريا،وتشويه سمعتي وتبخيسي بالكذب الصريح وانعدام أي حس أو ضمير ، لكني أرى أن هذا الشأن هين بجوار قضايا وطن حزين يستكشف كل يوم حجم ما تعرض له من إهدار و انتهاك ما خطر على قلب بشر، لذلك لا أريد أن أشغل جهاز النيابة بهذه الشئون الشخصية و هو ما أطلبه من الاّخرين مثلي ، خاصة أن الجلاد نفسه لم يكن بريئا ولا بعيدا عن هذه الحملات المنظمة ضد أبرياء مثلي.
أيضا أطلب من الجهات الحقوقية و منظمات حقوق الإنسان أن تتذكر الاّن دماء الراحل ممجدا فرج فودة و المطالبة بوضع عناصر جبهة علماء الأزهر الذين حرصوا على قتلٍه بفتاوى علنية وراء القضبان و محاسبتهم، حتى يرى المصريون أن العمامة الأزهرية ليست حصانة للقتلة و المجرمين، و أن يد القانون تطال الجميع دون تفرقة بسبب دين أو عمامة أو منصب أو جاه أو عنصر أو جنس. وأنه قد آن الأوان أن يوضع اسمه على شارع رئيسي عرفانا لضريبة الدم التي دفعها من أجل وطنه .


برقية

على المعترضين على تعديل الدستور بغرض وضع دستور جديد ألا يدعوا لمقاطعة التصويت بل أن يصروا على الحشد والذهاب للتصويت بالرفض، لان المقاطعة للاستفتاء ستصب في مصلحة التعديل الذي يُراد به الالتفاف على أهداف الثورة . اوان يعملوا على جمع كل القوى المعارضة للتعديل معاً لإسقاط تعديل الدستور ووضع دستور جديد يقوم على الشرعية الثورية.

الحـــــــــــوار المتمدن

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

انت بنى ادم مريض نفسيا وقليل الادب لما تتكلم بالالفاظ ده اتعلم تناقش بلادب ده اولا ثانيا احنا عمرنا ماتكلمنا بحاجه وحشه عن المسيحيه لاننا مؤمنين بسيدنا عيسى عليه السلام وبعدين اقرا كويس عن الاسلام وبعدين اتكلم وبلاش تعصب وكلام انكم مضطهدين والى ان تقرا وتتعلم يبقى هتلاقى حد يرد عليك فى كل كلمه تكتبها

النور والظلمة يقول...

أشكرك على التعليق, بس أوجه نظرك أنك لم تعلق على الموضوع أنت تناولت شخص الكاتب ولم تتناول موضوعه, ياترى ده كل اللي عندك, ده حجة المفحوم الموجوع والذي أثر فيه الكلام وجرحه كما انه فشل في الرد لأنه مافيش رد, يقوم يعمل ايه يشتم الكاتب ويسبه ويصفه بالغباء والجهل ولا يعطينا من ذكائه مايوضح وجهة نظره عن الموضوع نفسه ولما توجه نظره بكل أدب كما أفعل أنا الأن يعطيني نصيبي أنا أيضا من وقاحته وقلة أدبه كما سنرى حين يرى تعليقي على تعليقه ولن يقترب من الموضوع لأنه أصلا لا يستطيع الرد لأنه ببساطة أتفحم ولا يعرف كيف يرد على كلام أساتذة العقل والأقناع الأستاذ سيد القمني, ولايوجد من يكرهه ويسبه سوى المتعصبين اللذين يدافعون عن دينهم الضعيف بدون ذرة تفكير أو محاولة التفكير أو حتى محاولة الرد مع ان سيد القمني مسلم ومن نفس دين المعلق, ولكنه نجح في التحرر من العبودية لهذا الدين الذي يريد أستعباد عقول أتباعه فلا يستخدموه سوى في الكذب والخداع والدسائس والعداوة والحقد, نجح وتحرر سيد القمني وحرر عقله الذي اعطاه له ربه وأستخدمه ولكنه لم يترك الأسلام بل بقى على أسلامه وأنا لا أطلب من المعلق المحترم أن يترك دينه, بل أطالبه بأستخدام عقله ومناقشة الموضوع والرد لو كان عنده رد أو الأعتذار لسيد القمني